إليّ ، فلما توجّهتُ له رددتَني عنه ، ما لي ، أنزل فيّ قرآنٌ؟.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « لا ، ولكنَّ الأمينُ هَبَطَ إليّ عن اللّه جلّ جلاله بأنّه لا يُؤَدّي عنكَ إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك ، وعليٌّ منّي ، ولايؤَدّي عَنّي إلاّ عليّ » في حديث مشهور (١).
فكان نَبْذُ العهد مختصّاً بمن عَقَدَه ، أو بمن يَقوم مقامَه في فرض الطاعة ، وجلالةِ القدر ، وعُلوِّ الرتبة ، وشرفِ المقام ، ومن لا يُرتابُ بفعاله ، ولا يُعْتَرَضُ في مَقاله ، ومن هو كنفس العاقد ، وأمرُه أمره ، فإذا حكم بحكم مَضى واستقر به ، وأمِنَ الاعتراضُ فيه. وكان بنبذ العهد قوّةُ الإسلام ، وكمالُ الدين ، وصلاحُ أمر المسلمين ، وتمام فتح مكّة ، واتّساق أحوال الصلاح ، فأحبّ اللّه تعالى أن يَجْعَلَ ذلك على يد من ينوه اسمه ، ويُعْلِي ذكرَه ، ويُنَبّه على فضله ، ويَدُلّ على علوّ قدره ، ويبُيِنُه به ممّن سواه ، فكان ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
( ولم يكن ) (٢) لأحد من القوم فضلٌ يقاربُ الفضلَ الذي وصفناه ، ولا شَرِكَه فيه أحدٌ منهم على ما بيّناه.
وأمثالُ ما عددناه كثيرٌ ، إن عَمِلنا على إيراده طال به الكتاب ، واتسع به الخطاب ، وفيما أثبتناه منه في الغرض الذي قصدناه كفايةٌ لذوي الألباب.
ــــــــــــــــــ
(١) انظر ـ على سبيل المثال لا الحصر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧٦ ، سيرة ابن هشام ٤ : ١٩٠ ، مسند أحمد ١ : ٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ٥١ ، جامع البيان للطبري ١٠ : ٤٦ ، الدر المنثور ٣ : ٢٠٩ ، تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام ـ ٢ : ٣٧٦ ـ ٣٩٠ ، كنز العمال ٢ : ٤١٧.
(٢) في « م » وهامش « ش » : لم يك.