وتنقادُ لكم بهما الأُممُ ، وتَدْخُلون بهما الجنة ، وتنجُوْن بهما من النار ، شهادةِ أن لا إلهَ إلاّ اللّه وأنّي رسولُ اللّه ، فَمنْ يُجِبْني إلى هذا الأمر ويُؤازرْني عليه وعلى القيام به ، يَكُنْ أخي ووصيّ ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي » فلم يجب أحد منهم.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « فقمتُ بين يديه من بينهم ـ وأنا إذ ذاك أصغرُهم سنّاً ، وأحمَشُهم (١) ساقاً ، وأرمَصُهم (٢) عيناً ـ فقلتُ : أنا ـ يا رسول اللّه ـ أؤازرُك على هذا الأمر. فقال : اجْلِسْ ، ثم أعاد القول على القوم ثانيةً فاُصْمِتوا ، وقمتُ فقلتُ مثلَ مقالتي الأولى ، فقال : اجْلِسْ. ثمّ أعاد على القوم مقالَتَه ثالثةً فلم يَنْطِقْ أحدٌ منهم بحرفٍ ، فقلتُ : أنا أؤازرك ـ يا رسولَ اللّه ـ على هذا الأمر ، فقال : اجْلِس ، فانت أخي ووصّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي ».
فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : يا أبا طالب ، لِيَهْنِك (٣) اليوم إن دَخَلْتَ في دين ابن أخيك ، فقد جَعَل ابْنَك أميراً عليك (٤).
فصل
وهذه منقبة جليلة اختَصّ بها أميرُ المؤمنين عليهالسلام ولم يَشْرَكْه
ــــــــــــــــــ
(١) رجل أحمش الساقين : دقيقهما « الصحاح ـ حمش ـ ٣ : ١٠٠٢ ».
(٢) الرَمَصُ : وسخ يجتمع في مجرى الدمع. « انظر : الصحاح ـ رمص ـ ٣ : ١٠٤٢ ».
(٣) في هامش « ش » و « م » : ليهنئك ، وكلاهما بمعنى ليسرّك .
(٤) انظر مصادر حديث الدار في تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام ـ ١ : ٩٧ ـ ١٠٣ والغدير ٢ : ٢٧٨ ـ ٢٨٩.