الكتاب قلتُ : يا أميرَ المؤمنين ، لَوِ اطّرَدت مَقالتكَ من حيثُ انتهيتَ (١) إِليها؟ قَالَ : « هَيْهاتَ هَيْهاتَ يا ابنَ عبّاس ، كانتْ شقْشقَةً هَدَرَتْ ثم قَرَتْ » (٢).
وروى مَسْعَدَةُ بنُ صَدَقَةَ قالَ : سَمِعتُ أبا عبدِاللّهِ جَعْفَرَ بنَ محمّدٍ عليهالسلام يقولُ : « خَطَبَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام النّاسَ بالكُوفةِ ، فحَمِد والله وأثنى عليهِ ، ثمّ قالَ : « أنا سيدُ الشَيْب ، وفيَ سُنّةٌ من أيُّوبَ ، وسيَجمعُ الله لي أهلي كما جَمَعَ لِيَعْقُوبَ ، وذلكََ إِذا استدارَ الَفلَكُ وقُلتُم ضلَ أَو هَلَكَ ، أَلا فاستشعِروا قبلَها الصّبرَ ، وتوبوا (٣) إِلى اللّهِ بالذَنْبِ ، فقد نَبَذْتُم قُدْسَكم ، وأَطفأْتُم مَصابيحَكم ، وقلَدْتُم هِدايتكم منْ لا يَملِكُ لنفسِه ولا لكم سَمْعاً ولابَصَرَاً ، ضَعُفَ ـ والله ـ الطّالِبُ والمطلوبُ ؛ هذا ولو لم تَتَواكَلوا أَمرَكم ، ولم تَتَخاذلوا عن نُصْرةِ الحقِّ بينَكم ، ولم تَهِنوا عن تَوهينِ الباطلِ ، لم يَتشجَّعْ عليكم مَنْ ليسَ مِثلَكم ، ولم يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عليكم وعلى هَضْم الطَاعةِ وِازوائها عن أهلِها فيكم.
تِهتُم كما تاهتْ بنو إِسرائيلَ على عهدِ موسى ، وبحقٍّ أقولُ لَيُضعَفَنَ عليكُمُ التِّيْهُ من بعدي ـ باضطهادِكم ولدي ـ ضعفَ ما تاهت
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : افضيت.
(٢) وردت الخطبة المشهورة بالشقشقية في علل الشرائع : ١٥٠ ، ومعاني الأخبار : ٣٦٠ ، وأمالي الطومي ١ : ٣٨٢ ، ونهج البلاغة ١ : ٢٥ / ٣ ، ومناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٢٠٤ باختلاف يسير ، وأوردها الآبي في نثر الدر ١ : ٢٧٤ باختلاف في اللفظ.
(٣) في « م » وهامش « ش » : بوؤا.