كَشِيْشَ (١) الضِّباب (٢) ، لا تَأخُذونَ حقَاً ولا تَمنَعونَ لله حُرْمةً ، وكأنّي أنظُرُ إِليهم يَقتُلونَ صالِحِيكم ، ويًخيفونَ قُرَّاءَكم ، ويحرِمونَكم يحَجُبونَكم ، ويُدْنُونَ النّاسَ دونَكم ، فلو قد رأيتُمُ الحِرمانَ والأَثَرَةَ ، ووَقْعَ السّيفِ ونُزولَ الخَوفِ ، لقد نَدِمتم وخَسِرتُم على تفريطِكم في جهادِهم ، وتَذاكَرْتُم ما أنتم فيهِ اليومَ مِنَ الخفضِ والعافيةِ ، حينَ لا يَنفَعُكُم التذكار » (٣).
فصل
ومن كلامهِ عليهالسلام لمّا نَقضَ
معاوية بنُ أبي سُفيانَ شرْطَ الموادَعة ،
وأقْبلَ يَشُنُّ الغاراتِ على أهلِ العِراقِ
فقالَ بعدَ حمد الله والثّناءِ عليه : « ما لِمعاويةَ قاتَلَهُ اللّهُ!؟ لقد أَرادني على أمرٍ عظيمٍ ، أَرادَ أَن أَفعلَ كما يَفعلُ ، فأَكونَ قد هَتكْتُ ذِمًتي ونَقَضْتُ عَهْدي ، فيتَخِذَها عَلَيَّ حجةً ، فتكونَ عليَّ شيْناً إِلى يوم القيامةِ كلَما ذُكِرْتُ. فإِنْ قيلَ له : أَنتَ بدأتَ ، قالَ : ما علمتُ ولاَ أَمَرتُ ، فمن قائلٍ يقولُ : قد صَدَقَ ، ومن قائلٍ يقولُ : كَذَبَ. أمَ واللّه ، إِنّ الله لَذو أناةٍ وحلمٍ عظيمٍ ، لقد حَلُمَ عن كثيرٍ من فَراعِنةِ الأَوّلينَ
ــــــــــــــــــ
(١) الكشيش : صوت جلد الافعى وغيرها من الحيوان. انظر « الصحاح ـ كشش ـ ٣ : ١٠١٨ ».
(٢) الضباب : جمع ضب ، وهو دابة برية. « مجمع البحرين ـ ضبب ـ ٢ : ١٠٤ ».
(٣) رواه الثقفي في الغارات ٢ : ٥١١ باختلاف يسيرفي الالفاظ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٧٠١ ( ط / ح ).