رأيتُ ذلكَ منكم رَوَّيْتُ في أمري وأمرِكم ، فقلتُ : إِنْ أَنا لم اُجِبْهم إِلى القِيام بأمرِهم ، لم يُصيبوا أحَداً منهم يَقومُ فيهم مَقامي ، ويَعدلُ فيهم عَدْلي. وقلتُ : واللهِ لألِيَنَّهم وهم يَعرِفونَ حقّي وفضلي أحبُّ إِلي من أنْ يلُوني وهم لا يَعرِفونَ حّقيِّ وفضلي. فبسطت يدي لكم فبايَعتُموني ـ يا معشرَ المسلمينَ ـ وفيكُم المهاجِرونَ والأنصارُ والتّابعونَ بإِحسانٍ ، فأَخذتُ عليكم عهدَ بَيعتي وواجبَ صَفقتي عهدَ اللّهِ وميثاقَه ، وأشدَّ ما أُخِذَ على النّبيِّينَ من عهدٍ ومِيثاقِ ، لَتَفُنَّ لي ولَتَسْمَعُنَّ لأمري ولَتُطيعوني وتُناصِحوني وتُقاتِلونَ معي كلًّ باغٍ عَلَيَّ ، أو مارِقٍ إِنْ مَرَقَ ، فأنعمتُم (١) لي بذلكَ جميعاً. وأخذتُ عليكم عهدَ الله وميثاقَه وذمّة اللّهِ وذمِّةَ رسولهِ ، فأَجبتمُوني إِلى ذلكَ ، وأشهدتُ اللّهَ عليكم ، وأشهدتُ بعضَكم على بعضٍ ، فقمتُ فيكم بكتاب اللهِ وسنّةِ نبيِّه صلىاللهعليهوآله .
فالعَجبُ من مُعاوية بنِ أبي سفيانَ! يُنازعني الخلافةَ ، ويجحدُني الإمامةَ ، ويَزعمُ أنّه أحقُّ بها منّي ، جرأةً منه على اللّهِ وعلى رسولهِ ، بغيرِحقٍّ له فيها ولا حجّةٍ ، لم يبايعْه عليها المهاجرونَ ، ولا سلّمَ له الأنصار والمسلمونَ.
يا معشرَ المهاجرينَ والأنصارِ ، وجماعة من سَمعَ كلامي ، أما أوجبتُم لي على أنفسِكمُ الطّاعةَ ، أما بايعتُموني على الرّغبةِ ، أما أخذتُ عليكمُ العهدَ بالقبولِ لقولي ، أما كانتْ بَيعتي لكم يومئذٍ أوكدَ من بيعةِ أبي بكرٍ وعُمَر فما بالُ من خالفني لم يَنقُضْ عليهما حتّى مَضَيا ، ونَقَضَ عَليَّ ولم يَفِ لي!؟ أما يَجبُ عليكم نصحي ويَلزمُكم أمري؟ أما
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : انعمتم : قبلتم وقلتم نعم.