حِياضِها يومَ وُرودها ، حتّى ظَننتُ أنّكم قاتليَ ، وأنّ بعضَكم قاتِلُ بعضٍ ، فبَسَطْتُ يَدِي فبايعتموني مُختارِيْنَ ، وبايَعَني في أَوّلكم طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ طائعَيْنِ غير مُكْرَهَيْنِ ، ثمّ لم يَلبَثا أنِ استأذَناني في العُمْرةِ ، واللّهُ يَعلمُ أَنّهما أَرادا الغَدْرَةَ ، فجدَّدْت عليهما العهدَ في الطاعةِ وأَنْ لا يبغِيا للأًُمّة الغوائلَ ، فعاهَداني ثُم لم يَفِيا لي ونَكَثا بَيعتي ونَقَضا عَهدي ، فعَجَباً لهما مِنِ انقيادِهَما لأبي بَكْر وعُمَرَ وخِلافهِما لي ، ولستُ بِدونِ أَحدِ الرجلَيْن! ولو شئتُ أَنْ أقولَ لقُلتُ ، اللّهمّ احكمْ عليهِما بِما صَنَعا في حقًّي ، وصغَّرا من أمري ، وظَفِّرني بِهما » (١).
فصل
ثمّ تكلّمَ عليهالسلام في مَقامٍ آخرَ بما حُفِظ عنه في هذا المعنى ، فقالَ بعدَ حمدِ الله والثناءِ عليهِ :
« أمّا بعدُ : فإِنّ اللّهَ تعالى لمّا قَبَضَ نبيّه عليهالسلام قُلنا : نحن أَهلُ بيتِهِ وعصبَتُهُ ووَرَثَتُهُ وأَولياؤهُ وأَحق الخلائقِ بهِ ، لا نُنازَعُ حقَّهُ وسُلطانَهُ ، فبَينا نحن [على ذلك] (٢) إِذْ نَفَرَ المنافقونَ فانتزَعوا سُلطانَ نبيِّنا منّا وولّوهُ غيرَنا ، فبَكَتْ ـ واللهِ ـ لذلكَ العُيون والقُلوبُ منّا جميعاً معاً ، وخَشُنَتْ (٣) لهُ الصُّدورُ ، وجَزعَت النّفوسُ جَزَعاً أرغمَ.
ــــــــــــــــــ
(١) ورد في الاحتجاج : ١٦١ ، ونحوه في العقد الفريد ٤ : ١٦٢ و ٥ : ٦٧ ، شرح ابن ابي الحديد ١ : ٣٠٩ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٤١٢ ( ط / ح ).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية ، وأثبتناه من أمالي المفيد.
(٣) في « ش » و « م » : خشيت ، وما أثبتناه من هامشهما.