عليهالسلام ذاتَ يومِ صلاةَ الصُبحِ ، فلمّا سلّمَ أقبلَ على القبلةِ بوجهِهِ يذكرُ اللهَ تعالى ، لا يلتفَتُ يميناً ولا شِمالا حتّى صارتِ الشمسُ على حائطِ مسجدِكُمْ هذا ـ يعني جامعَ الكوفةِ ـ قيسَ رُمحٍ ، ثُم أقبلَ علينا بوجهِهِ عليهالسلام فقال : « لقدْ عَهِدتُ اقواماً على عهدِ خَليلي رسولِ الله صلىاللهعليهوآله ، وِانّهم لَيراوحونَ في هذا الليلِ بينَ جِباهِهِمْ وركبهم ، فإِذا أصبحوا أصبحوا شعثآً غُبرْاً بينَ أعينِهِمْ شبهُ ركَب المِعْزى ، فإِذا ذَكَروا (١) مادُوا كما تَميدُ الشجرُ في الريحِ ، ثُمَّ انهملَتْ عُيونُهم حتى تَبلَّ ثِيابَهم » ثمّ نهضَ عليهالسلام وهو يقول : « كأنَّما القومُ باتُوا غافلينَ » (٢).
ومن كلامِهِ عليهالسلام في صِفةِ شيعتِهِ المخلصيْنَ
ما رواهُ نَقَلةُ الاثارِ : أنّه خَرجَ ذاتَ ليلةٍ مِنَ المسجدِ ، وكانتْ ليلةً قمراءَ ، فأمَ الجَبّانَة ولَحِقَهُ جماعةٌ يَقْفونَ أثَرَهُ ، فوقفَ ثُمَّ قالَ : « مَنْ أنتم؟ » قالوا : نحنُ شيعتُك يا أميرَ المؤمنين ، فتفرّس في وجوهِهِم ثم قالَ : « فما لي لا أرى عليكُمْ سِيْماءَ الشيعةِ؟ » قالوا : وما سِيْماءُ الشيعةِ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال : « صُفْرُ الوجوهِ من السهر ، عُمْشُ العيونِ منَ البكاءِ ، حُدْبُ الظهورِ من القيام ، خُمْصُ البطونِ منَ
ــــــــــــــــــ
٢٣٦ ، تذكرة الخواص : ١١٦.
(١) في هامش « ش » و « م » : ذُكِّروا.
(٢) روإه الكليني في الكافي ٢ : ١٨٥ / ٢٢ ، والمصنَف في أماليه : ١٩٦ ، والآبي في نثر الدر ١ : ٣٢٥ ، وابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٢٩.