عالمٌ إِلاّ هَلَكَ معه بعضُ علمه ، وِإنّما العلماء في الناس كالبَدْر في السماء ، يَضِيء نورُه على سائر الكواكب ، خذوا من العلم ما بدا لكم ، وِإيّاكم أن تطلبوه لخِصالٍ أربع : لتُباهوا به العُلَماء ، أو تُماروا به السُفهاء ، أو تراؤا به في المجالس ، أو تَصرِفوا وجوه الناس إِليكم للترؤّس ، لا يَستوي عندالله في العقوبة الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، نَفَعَنا اللهُ وِايّاكم بما عَلِمْنا ، وجَعَلَه لوجْهِهِ خالِصاً إِنّه سميعٌ مجيبٌ » (١).
فصل
ومن كلامه عليهالسلام في صفة العالم وأدب المتعلم
ما رواه الحارث الأعور قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : « من حقّ العالم أن لا يُكْثَر عليه السؤالُ ، ولا يُعْنَت في الجواب ، ولا يُلَحّ عليه إِذا كَسِل ، ولا يؤْخَذ بثوبه إذا نَهَض ، ولا يُشارَ إليه بيدٍ في حاجة ، ولا يُفْشى له سرٌّ ، ولا يُغْتاب عنده أحدٌ ، ويُعَظَّم كما حَفِظَ أمرَ الله ، ولا يَجْلسِ المتعلمُ أمامَه ، ولا يَغْرَضُ (٢) من طولِ صحبته ، وِاذا جاءه طالبُ العلم وغيره فوجَدَه في جماعةٍ عَمَّهم بالسلام وخَصّه بالتحيّة ، وليحفِظَه شاهداً وغائباً ، وليَعْرِفَ له حَقَّه ، فإِنّ العالم أعظمُ أجراً من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله ، وإذا ماتِ العالم ثلم في الإِسلام ثلمة لا يسدّها إلاّ
ــــــــــــــــــ
(١) نقلها الديلمي في أعلام الدين : ٩٤ ، والعلامة المجلسي في البحار ٢ : ٣١ / ١٩.
(٢) الغَرَض : الضجر والملال. « الصحاح ـ غرض ـ ٣ : ١٠٩٣ ».