لا يقول عاقل : بأنّ العرض يمكن وجوده بدون الجوهر كوجود حركة بدون متحرّك والحاصل أنّه قد يكون شيئان لا يمكن وجود أحدهما بدون الآخر ، وقال فخر الدين الرّازي في المباحث المشرقية : الحقّ عندي أن لا مانع من استناد كلّ الممكنات إلى الله تعالى ، لكنّها على قسمين : منها ما إمكانه اللازم لماهيّته ، كاف في صدوره عن الباري تعالى من غير شرط ، (١) ومنها ما لا يكفي إمكانه (٢) ، بل لا بدّ من حدوث أمر قبله ثمّ إن تلك الممكنات متى استعدّت للوجود استعدادا تامّا ، صدرت عن الباري تعالى ، ولا تأثير للوسائط في الإيجاد بل في الإعداد «انتهى» ، وظاهره يدلّ على توقف بعض الأشياء على بعض وإن كان التّأثير مخصوصا بالباري تعالى فتأمل (٣) واما ثالثا ، فلأن ما ذكره من أنّ الإماميّة يلحسون من فضلات الفلاسفة فليس إلا مجرد إظهار العصبيّة على الحكماء والإماميّة وبعده عن سرائر الحكمة الإلهيّة ، وأنّه تعالى ما وفق النّاصب وأصحابه لفقه الحكمة (٤) ضالة المؤمن أما تعصّبه على الحكماء فلظهور أنّ بالارتقاء إلى أعلام الفطنة والاهتداء إلى أقسام الحكمة يصير النّاظر في حقائق الأشياء بصيرا ، (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً
__________________
(١) وفي بعض النسخ : فلا جرم يكون وجودها فائضا عن الباري من غير شرط.
(٢) وفي بعض النسخ : ومنها ما لا يكفى في إمكانه فيضانها عن الباري.
(٣) التأمل تدقيقى وإشارة الى التهافت بين توقف الشيء على شيء وكون التأثير منه تعالى.
(٤) في نسخة مخطوطة مصححة هكذا : الفقه : الحكمة ، والحكمة ضالة المؤمن ، وفي الجامع الصغير للسيوطي «الجزء الثاني ص ٢٥٥ ط مصر» عن النبي (ص) أنه قال الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها. ونقلت في بعض الكتب تتمة وهي حيث ما وجد أحدكم ضالته فليأخذها. وفي كتاب الاثني عشرية (ص ٨ ط قم) الحكمة ضالة المؤمن ، وأيضا الحكمة ضالة الحكيم.