كثيرا) (١) وأما على الإماميّة فلأنّهم أساطين حكماء الإسلام الذين أخذوا جواهر الحكمة عن معادنها أهل البيت عليهمالسلام ، وفازوا برحيق التّحقيق من منابعها الكافلة لإحياء الميت ، فاشتدّت في علوم الإسلام عراهم (٢) وتأكدت في دقائق الحكمة قواهم ، وإن وافقوا الرّعيل (٣) الأول من الحكماء في بعض المسائل والأحكام ، فلا يقتضي خروجهم عن قواعد الإسلام حتى يتوجّه عليهم الشّناعة والملام ، وإنّما الشّناعة كلّ الشّناعة على من لم تصل يده إلى مائدة الحكمة ولم يظفر على زلال الفطنة ، وشرب في ظماء الجهل من سؤر الحشويّة ، واختار الثوم والبصل على الطيور المشويّة ، ولنعم ما قال الحكيم الكامل أبو علي (٤) عيسى بن زرعة في بعض رسائله
__________________
(١) البقرة. الآية ٢٦٩. وليس المراد من الحكمة في الآية الشريفة والخبر المومى اليه الفلسفة التي هي تراث اليونانيين ولا الغربية التي أهدتها إلينا الأروباويون ، بل المراد العلم الذي به حياة الأرواح وشفاءها من الأسقام ، وهل هي الا العلوم الدينية الإسلامية والمعتقدات الحقة واسرار الكون بشرط اتخاذها عن الراسخين في العلم الذين من تمسك بذيلهم فقد نجى ، كيف؟ وعلومهم مستفادة من المنابع الالهية ، واستنارت من أنوار الأنبياء والمرسلين والسفراء المقربين ، فهي التي (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ).
ولله در العلامة المحقق خادم علوم الأئمة الهداة المهديين المولى محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي ثم القمي «قده» حيث أبان الحق في كتابه الموسوم بحكمة العارفين وأثبت أن الحكمة الحقة هي المتخذة عن آل الرسول (ص) لا ما نسجته النساجون والحيكة التي تتبدل بتلاحق الأفكار والازمنة.
(٢) العرى : جمع عروة. وعروة الكوز معروفة.
(٣) الرعلة : قطعة من الخيل القليلة ، كالرعيل او مقدمتها. ق.
(٤) في نسخة مصححة ابو زرعة عيسى بن على ، وعليه فهو الفيلسوف النابغة الشهير الذي قال