باستلزامه لأن يكون كثيرا من أدلة الأشاعرة هاهنا غير منطبق على محل النّزاع كما صرّح به صاحب المواقف أيضا في آخر هذا التحرير ، حيث قال : وبما قرّرناه من تحرير محلّ النّزاع يعلم أنّ كثيرا من أدلة أصحابنا مثل ما قالوا في إيمان أبي لهب وكونه مأمورا بالجمع بين المتناقضين ، نصب للدّليل في غير محل النّزاع «انتهى». ولا يذهب عليك أنّ صاحب المواقف إنّما ارتكب تحرير محل النّزاع على الوجه الذي لزم منه بطلان أكثر أدلة أصحابه للفرار عمّا هو أشنع من ذلك ، وهو القول بجواز تكليف المحال لذاته ، وهذا في الحقيقة حيلة منه للتفصي (١) عن تلك الشناعة وإلّا فمحل النّزاع عند أصحابه ليس مخصوصا بما ذكره في المرتبة الثالثة من المستحيلات العاديّة ، قد أشار إلى هذا الشارح (٢) قدّس سره الشريف بقوله لقائل أن يقول : إنّ ما ذكره من أنّ جواز التّكليف بالممتنع لذاته فرع تصوّره وأنّ بعضا منّا قالوا : بوقوع تصوّره يشعر بأن هؤلاء يجوزونه أى يجوزون التكليف بالمحال لذاته ، ويدل على ذلك كلام العلّامة (٣) الشيرازي في شرح مختصر
__________________
(١) ولما كان نصب الدليل في غير محل النزاع أقل شناعة من إبداع دعوى فاسدة احتمل العضدي تغير الدعوى كما ترى. منه «قدسسره»
(٢) المراد منه المحقق الشريف الجرجاني.
(٣) هو الشيخ قطب الدين أبو الثناء محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي الكازروني من تلامذة المحقق الطوسي وصدر الدين القونوى والكاتبي القزويني ، له تصانيف نفيسة في العلوم العقلية والطب والأدب ، منها شرح كليات القانون لابن سينا وترجمة تحرير أقليدس وحل مشكلات المجسطي وشرح مختصر الأصول لابن الحاجب والتحفة الشاهية ودرة التاج وشرح مفتاح السكاكي ونهاية الإدراك في الهيئة وشرح حكمة الاشراق وغيرها ، توفى ٢٤ رمضان سنة ٧١٠ او سنة ٧١٦ ببلدة تبريز ودفن بمقبرة كجيل بجنب قبر القاضي البيضاوي فراجع (ص ٢١٩ وص ٢٤٧ ج ٦ من)