كقوله تعالى (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (١) وكذا الكلام في قولهم : لا يقبح من الله شيء فانّه أيضا مردود بما مرّ مرارا ، وأما ثالثا فلأنّ ما ذكره في بيان المرتبة الاولى من مراتب التّكليف بما لا يطاق بقوله : والتّكليف بهذا جائز ، بل واقع إجماعا ، وإلّا لم يكن العاصي بكفره وفسقه مكلّفا بالايمان وترك الكبائر «إلخ» ممّا ذكره صاحب المواقف وحاصله على ما صرّح به في شرح مختصر ابن الحاجب أنّه لو لم يصح التّكليف بالمحال لم يقع ، وقد وقع لأنّ العاصي مأمور ويمتنع منه الفعل ، لأنّ الله تعالى قد علم أنّه لا يقع وخلاف معلومه محال ، وإلا لزم جهله وقد أجيب عنه بوجهين مذكورين هناك أيضا ؛ أحدهما : أنّ ما ذكرتم لا يمنع (٢) إمكان الوقوع لجواز وقوعه من المكلّف في الجملة ، وإن امتنع بغيره من علم أو خبر أو غيرهما فهو استدلال على غير محل النّزاع ، وثانيهما : أنّ دليلكم هذا يبطل المجمع عليه ، فيكون باطلا بيانه : أنّ ذلك يستدعي أنّ التكاليف كلّها تكليف بالمستحيل ، لوجوب (٣) وجود الفعل أو عدمه لوجوب تعلّق العلم بأحدهما وأيّا ما كان تعيّن وامتنع الآخر ، ولما ذهب إليه الأشعري من كون القدرة مع الفعل وكون الأعمال مخلوقة لله تعالى ، فإنهما ظاهران في استلزامهما كلية لكون التكليفات مستحيلة «انتهى» وقد أجاب عنه المصنّف قدّس سره أيضا في كتاب نهاية الوصول من وجوه تسعة فليطالع ثمّة ، واما رابعا : فلأنّ ما ذكره في بيان المرتبة الثّالثة تبعا لصاحب المواقف أنّ هذا هو محل النّزاع مردود ،
__________________
(١) الانعام. الآية ١٢ ،
(٢) اى إمكان وقوع الفعل عن المكلف فهذا رد لقوله : ويمتنع منه الفعل. منه «قدسسره»
(٣) يعنى ما تعلق العلم بوقوعه من وجود الفعل وعدمه معين للوقوع وامتنع نقيضه لئلا ينقلب علمه تعالى جهلا. منه «قده».