الأصول حيث قال : اعلم أنّ الامة اختلفوا (١) في جواز التّكليف بالممتنع ، وهو إمّا أن يكون ممتنعا لذاته كالجمع بين الضدّين وقلب الأجناس وإيجاد القديم وإعدامه ونحوه ممّا يمتنع تصوّرها ، أو لغيره كجميع الممكنات لفقدان أسباب وجوداتها ، أو بوجدان الموانع عنها ، كايمان من علم الله أنّه لا يؤمن فانّه ممكن بحسب ذاته ، ممتنع بحسب غيره ، فان كان الأوّل أي الممتنع لذاته فذهب شيخنا أبو الحسن الأشعرّي في أحد قوليه إلى جوازه ، وهو مذهب أكثر أصحابه ، واختلفوا في وقوعه ، والقول الثّاني امتناعه ، وهو مذهب البصريّين من المعتزلة وأكثر البغداديين وإن كان الثاني أى الممتنع لغيره فقد اتّفق الكلّ على جوازه عقلا خلافا لبعض (٢) الثّنويّة ، وعلى وقوعه شرعا ، وذهب المصنّف إلى امتناع الأول ، وهو المختار على ما مال إليه الغزالي «انتهى» ثمّ الظاهر أن الأشعري أخذ جواز التكليف بما لا يطاق
__________________
طبقات الشافعية ط مصر) وهكذا (ص ٣٠٧ ج ٣ من ريحانة الأدب ط تهران).
(١) قال المصنف رفع الله درجته في نهاية الوصول : اختلف الناس في ذلك فذهبت العدلية كافة الى امتناعه ، وقالت الاشاعرة كافة بجوازه ، ثم اختلفوا في الوقوع ، فذهب أبو الحسن الأشعري تارة الى عدم وقوعه وتارة الى وقوعه ، وكلاهما قول أصحابه مع انه يلزمه الوقوع ، وقال بعضهم : المحال ان كان لذاته كالجمع بين الضدين وقلب الأجناس وإيجاد القديم واعدامه استحال التكليف به وان كان لغيره جاز التكليف به واختاره الغزالي وهرب من مقالة شيخه أبى الحسن لما فيها من الشناعات ويلزمه الوقوع فيها على ما يأتى تقريره «إلخ» منه قدسسره
(٢) قال الشهرستاني في كتاب الملل (ج ٢ ص ٧٢ ط مصر) ما لفظه : الثنوية هؤلاء اصحاب الاثنين الازليين يزعمون ان النور والظلمة أزليان قديمان بخلاف المجوس فإنهم قالوا بحدوث الظلام وذكروا سبب حدوثه ، وهؤلاء قالوا بتساويهما في القدم واختلافهما في الجوهر والطبع والفعل والحيز والمكان والأجناس والأبدان والأرواح (انتهى).