حتّى رتّب عليه التّشنيع والتفظيع ، فيا له من رجل ما أجهله! «انتهى».
أقول ما ذكره في منع الملازمة من أنّ من الأشياء ما يكون مخالفا للمصلحة لا يستحسنه الحكيم «إلخ» فرار شنيع مخالف لما مرّ : من أنّ الأشاعرة جعلوا الأفعال كلّها سواء في نفس الأمر ، وأنّها غير منقسمة في ذواتها إلى حسن وقبيح ، ولا يتميّز القبيح بصفة اقتضت قبحه أن يكون هو هذا القبيح وكذا الحسن ، فليس الفعل عندهم منشأ حسن وقبح ولا مصلحة ولا مفسدة ولا نقص ولا كمال ، ولا فرق بين السّجود للشّيطان والسّجود للرّحمن في نفس الأمر ، ولا بين الصّدق والكذب ، ولا بين النّكاح والسّفاح ، إلّا أنّ الشّارع أوجب هذا وحرّم هذا. وقد صرّح بذلك أيضا صاحب المواقف حيث قال : القبيح عندنا ما نهي عنه شرعا والحسن بخلافه ، ولا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها ، وليس ذلك أى حسن الأشياء وقبحها عائدا إلى أمر حقيقيّ حاصل في الفعل قبل الشّرع يكشف عنه الشرع كما تزعمه المعتزلة ، بل الشّرع هو المثبت له والمبيّن ، فلا حسن ولا قبح للأفعال قبل ورود الشّرع ، ولو عكس الشارع القضيّة فحسّن ما قبّحه وقبّح ما حسّنه لم يكن ممتنعا وانقلب الأمر فصار القبيح حسنا والحسن قبيحا «إلخ» ، ثمّ قال عند بيان المعنى المتنازع فيه : وعند المعتزلة عقلي فانّهم قالوا : للفعل في نفسه مع قطع النّظر عن الشّرع جهة محسّنة مقتضية لاستحقاق فاعله مدحا وثوابا ، أو مقبحة مقتضية لاستحقاق فاعله ذمّا وعقابا. ثمّ إنّها أى تلك الجهة المحسّنة أو المقبّحة قد تدرك بالضّرورة كحسن الصّدق النّافع وقبح الكذب الضّار ، وقد تدرك بالنّظر كحسن الصّدق الضّار وقبح الكذب النّافع مثلا ، وقد لا تدرك (١)
__________________
(١) قال المصنف «قده» في نهاية الوصول : ان الجهة المحسنة او المقبحة التي لا يدركها العقل