ولا يزال قبل خلق خلقه ولا يستفيد بذلك شيئا ولا يفيد غيره ولا يزال آمرا وناهيا بعد خراب العالم وبعد الحشر والنّشر دائما بدوام ذاته وهذه المقالة في الأمر والنّهى ودوامهما مقالة الأشعرية أيضا ، وقالت الأشاعرة أيضا : إنّه تعالى قادر عالم حىّ إلى غير ذلك من الصّفات بذوات (١) قديمة ليست هي الله ولا غيره ولا بعضه ولولاها لم يكن قادرا عالما حيّا تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : أكثر ما في هذا الفصل قد مرّ جوابه فيما سبق من الفصول على أبلغ الوجوه ، بحيث لم يبق للمرتاب ريب وما لم يذكر جوابه من كلام هذا الفصل فيما
__________________
الشأن يقف عليها الناظر في كلماتهم ، وسمعت عن عدة من رؤسائهم ما يقضى منه العجب عصمنا الله من الهفوات والزلل في القول والعقيدة والعمل.
ثم اعلم ان اصحاب الحديث من العامة كالظاهرية وابن حنبل ومالك بن أنس ومقاتل بن سليمان الأزدي وغيرهم أخذوا بظواهر ما ورد في الكتاب والسنة من دون تأويل زعما منهم أنه نهاية الحزم والأخذ بالحائطة في امر الدين حيث ان التأويل ممنوع شرعا مضافا الى انه مظنون والقول بالظن في صفاته تعالى غير جائز لاحتمال ادائه الى غير مراده جل شأنه فيوجب الوقوع في الزلل ، والعجب كل العجب ممن سلك هذا المسلك بعد قيام الدليل القاطع العقلي الخلى من الشوائب والأوهام على امتناع التشبيه في حقه تعالى لا في الذات ولا في الصفات ، لا روحانية ولا جسمانية أعاذنا الله من أشباه هذه المقالات التي أطال السنة اليهود والنصارى على المسلمين حيث لاحظوا أمثال هذه الكلمات وزعموا انها مما اتفق عليها المسلمون ، ولله در فقهائنا حيث عدوا المشبهة على الإطلاق من الفرق المحكومين بكفرهم ونجاستهم والله العاصم الهادي.
(١) التعبير بالذوات في غير محله والأنسب كلمة المعاني بدل لفظة الذوات كما لا يخفى.