المفعول المنفصل عنه ، فالقضاء كلّه خير وعدل وحكمة فنرضى به كلّه ، والمقضي قسمان منه ما يرضى به ومنه ما لا يرضى به وفيه نظر ، أما أولا فلانا لو سلّمنا أنّ القضاء غير المقضي ، لكنّ الرّضا بأحدهما يستلزم الرّضاء بالآخر ، وأما ثانيا فلان ما قيل من أنّ الرّضا إنّما يجب بالقضاء لا بالمقضي ، والكفر مقضي ليس بمرضي ، ضرورة أنّ القائل : رضيت بقضاء الله تعالى لا يريد أنّه رضي بصفة من صفات الله تعالى ، بل يريد أنّه راض بمقتضى تلك الصّفة ، وهو المقضي ولا ينفعهم الاعتذار بوجوب الرّضاء (١) به من حيث ذاته وكونه فعله تعالى ، وعدم الرّضاء به من حيث المحلّية والكسب لبطلان الكسب على ما سيجيء إن شاء الله تعالى ، ونقول هاهنا : إن كان كون الكفر كسبا بقضائه تعالى وقدره وجب الرّضاء به من حيث هو كسب وهو خلاف قولكم ، وإن لم يكن بقضاء وقدر بطل استناد الكائنات بأجمعها إلى القضاء والقدر مع أنّ الحديث النّبوي وهو قوله صلىاللهعليهوآله : الخير فيما يقضى الله (٢) يدل على أنّ الرّضاء بالمقضيّ من حيث ذاته واجب.
وأما ما ورد من أنّه تعالى خالق الخير والشّر فأريد بالشّر ما لا يلايم الطبع ، وإن كان مشتملا على مصلحة ، لا ما كان قبيحا خاليا عن المصالح ، فإنّ الشّر يطلق على معنيين : أحدهما غير الملائم للطبع كخلق الحيوانات الموذية ،
__________________
(١) وقد يجاب (المجيب هو أبو الحسن) بانه قد تقرر في مظانه ان اللفظ المشهور لا يجوز ان يكون موضوعا لمعنى خفى سيما في خطاب الله تعالى والرسول «ص» وما تفهمه الأذهان من قضاء الله تعالى هو إرادته تعالى ظهور الحوادث على نهج خاص والرضاء بالارادة لا ينفك عن الرضاء بالمراد ، بل يكاد يكون عينه فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى وجب الرضا به فتأمل منه «قده».
(٢) وفي الجامع الصغير (الجزء الثاني ص ١١٣ ط مصر) رواية تقرب منه معنى وهي : عجبت للمؤمن ان الله تعالى لم يقض له قضاء الا كان خيرا له.