ما ذكره من التّرهات والطامّات حسنا؟ هل الشّرع حسّن هذه الأشياء وحكم بحسنها؟ وعلى تقدير أن يكون الشّرع حاكما بالحسن ، هل يقول الأشاعرة : إنّ الشّرع حكم بحسن هذه الأشياء حتّى يلزم ما يقول؟ ، فعلم أنّ الرّجل كودن طامّاتي متعصّب فتعصّب لنفسه لا لله ورسوله ، والعجب أنه كان لا يتأمّل أنّ العقلاء ربّما ينظرون في هذا الكتاب ، فيفتضح عندهم ما أجهله من رجل متعصّب نعوذ بالله من شرّ الشّيطان وشركه (١)!.
أقول : قد اجتمعت (خ ل أجمعت) الامّة على أنه تعالى لا يفعل القبيح ، ولا يترك الواجب لكنّ الأشاعرة من جهة أنه لا قبيح منه ولا واجب عليه ، ولذلك أسندوا خلق جميع الأفعال إليه تعالى ، سواء كانت حسنة أو قبيحة ، والإماميّة والمعتزلة من جهة أنه يترك القبيح ويفعل الواجب ، وهذا الخلاف مبنيّ على أنّ الحسن والقبح عقليّان أو شرعيّان (٢) هذا ملخّص المذهبين ، وقد ظهر منه أنّ الأشاعرة حيث حكموا بأن لا قبيح منه تعالى وبالنّسبة إليه ، فقد جوّزوا أن يصدر عنه تعالى ما يستقبحه العقل ، واتّضح أنّ إنكار النّاصب لا يسوى باقة (٣) من البقل ، وإنّما ذلك الإنكار والتّأويل تمويه وتدليس لدفع شناعة النّاس ، وإلّا فمعتقدهم نفى العدل كما صرّح به شيخهم وشاعرهم نظامي الگنجوي (٤) حيث قال :
__________________
(١) الشرك بفتحتين. حبائل الصيد. ومنه قول الشاعر في وصف الدنيا شرك الردى وقرارة الاكدار.
(٢) مذهب الامامية التعميم فيندفع الاشكال الوارد على من ذهب الى احد الأمرين منه «قده».
(٣) الباقة : ما ضم من الزهور وغيرها من الخضراوات.
(٤) هو نظام الدين أبو محمد القمي الگنجوى الشاعر الشهير الملقب بملك الشعراء والمعروف بالنظامى ، صاحب المنظومات الكثيرة كمخزن الأسرار وكتاب ليلى ومجنون وكتاب هفت پيكر وكتاب خسرو شيرين وكتاب خرد نامه وغيرها ، توفى سنة ٥٧٦ أو