قال المصنّف رفع الله درجته
قالت الإماميّة وتابعوهم (خ ل متابعوهم) من المعتزلة : إنّ الحسن والقبح عقليّان مستندان إلى صفات قائمة بالأفعال أو وجوه واعتبارات تقع عليها ، وقالت الأشاعرة : إنّ العقل لا يحكم بحسن الشّيء البتّة ولا بقبحه ، بل كلّ ما يقع في الوجود من أنواع الشّرور كالظلم والعدوان والقتل والشّرك والإلحاد وسبّ الله تعالى وسبّ ملائكته وأنبيائه وأوصيائه وأوليائه فانّه حسن.
قال النّاصب خفضه الله
أقول : الحسن والقبح يقال لمعان ثلاثة : (الاول) صفة الكمال والنّقص يقال : العلم حسن والجهل قبيح ولا نزاع في أنّ هذا أمر ثابت للصّفات في أنفسها ، وأنّ مدركه العقل ولا تعلّق له بالشرع. (الثاني) ملائمة الغرض ومنافرته ، وقد يعبّر عنهما بهذا المعنى بالمصلحة والمفسدة فيقال : الحسن ما فيه مصلحة ، والقبيح ما فيه مفسدة ، وذلك أيضا عقلي أى يدركه العقل كالمعنى الأوّل.
(الثالث) تعلّق المدح والثّواب بالفعل عاجلا وآجلا والذّم والعقاب كذلك ، فما تعلّق به المدح في العاجل والثّواب في الآجل يسمّى حسنا ، وما تعلّق به الذّم في العاجل والعقاب في الآجل قبيحا ، وهذا المعنى الثّالث هو محلّ النّزاع ، فهو عند الأشاعرة شرعي ، وذلك لأنّ أفعال العباد كلّها ليس شيء منها في نفسه بحيث يقتضي مدح فاعله وثوابه ، ولا ذمّ فاعله وعقابه ، وإنّما صارت كذلك بواسطة أمر الشّارع بها ونهيه عنها ، وعند المعتزلة ومن تابعهم من الإماميّة عقلي ، وإدراك الحسن والقبح موقوف على حكم الشّرع ، والشّرع كاشف عنهما فيما لا يستقلّ العقل بإدراكه وفيما يستقلّ فالعقل حاكم ، هذا مذهب الفريقين ، فيا معشر العقلاء بأيّ مذهب يلزم أن يكون الظلم والعدوان والقتل والشّرك وسبّ الله ورسوله و