على الأشاعرة حيث استدلوا على عدم بقاء الأعراض بوجوه ثلاثة مذكورة في المواقف ، منها أنّها لو بقيت لكانت متّصفة ببقاء قائم بها والبقاء عرض فيلزم قيام العرض بالعرض وإلا فالبقاء عند المصنّف وسائر المحقّقين ليس بعرض بل هو أمر اعتباري يجوز أن يتّصف به العرض كالجوهر ، وأيضا ليس قيام العرض بالعرض بمستحيل عنده كما صرّح به في نهج المسترشدين حيث قال : ولا يستحيل قيام عرض بعرض كالسّرعة القائمة بالحركة ، ولا بدّ من الانتهاء إلى محلّ جوهري وهذا صريح فيما ذكرنا من إرادة الإلزام والله تعالى أعلم بحقائق المرام.
قال المصنّف رفع الله درجته
خاتمة تشتمل على حكمين الأوّل : البقاء يصحّ على الأجسام بأسرها وهذا حكم ضروريّ لا يقبل التّشكيك ، وخالف فيه النظام من الجمهور فذهب إلى امتناع بقاء (١) الأجسام بأسرها بل كلّ آن يوجد فيه جسم ما ، يعدم ذلك الجسم في الآن الذي بعده ، ولا يمكن أن يبقى جسم ما من الأجسام ، (٢) فلكيها وعنصريها بسيطها ومركبها ، ناطقها وغيرها ، آنين ولا شك في بطلان هذا القول لقضاء الضّرورة بأنّ الجسم الذي شاهدته حال فتح العين هو الذي شاهدته قبل تغميضها والمنكر لذلك سوفسطائي (٣) ، بل السّوفسطائي لا يشكّ في أنّ بدنه الذي كان بالأمس هو بدنه الذي كان الآن ، وأنّه لم يتبدّل بدنه من أوّل لحظة إلى آخرها
__________________
(١) ومن المفرطين في هذا المعنى بعض من أدركناه في الغرى الشريف حتى انه صنف كتابا في هذا الشأن وسماه بكتاب الخلع واللبس واتى فيه على زعمه ما يدل على ذلك ومات على هذه العقيدة السخيفة سامحه الله.
(٢) هذا مبنى على كون الفلكيات أجساما ، وهذه مسألة متنازعة فيها ذات عرض عريض وذيل طويل.
(٣) قد مر المراد بالسوفسطائية فراجع.