بالعينيّة راجع إلى النّفي المحض ، وأن يكون مؤدّى ذلك أنّه تعالى عالم لا علم له ، وقادر لا قدرة له ، إلى غير ذلك كما صرّح به شارح العقائد ، وهذا المحذور الذي حملهم إلى القول بزيادة الصّفات آت في البقاء ، وبقائه أيضا ، فكيف نسوا إنكارهم للعينيّة واعترفوا به هاهنا؟ قائلين : بأنّ البقاء موصوف ببقاء هو عين ذلك البقاء ، وبالجملة كلام المصنّف هاهنا إلزامي لهم ، فان رجعوا عن ذلك ووافقوا ، فنعم الوفاق والحمد لله رب العالمين. واما ما أجاب به خامسا عمّا نقله من قول المصنّف : ولأنّه يلزم أن يكون محلا للحوادث فيكون له بقاء آخر فيتسلسل ، ففيه أنّ المنقول كلام يلوح عليه آثار السّقم ، لأن تفريع لزوم التّسلسل على كونه محلا للحوادث ممّا لا وجه له ، ويعضده أيضا كلام المصنّف في كتاب نهج المسترشدين حيث قال : ولأنّ البقاء لو كان زائدا على الذّات لزم التّسلسل «انتهى» فالظاهر أنّ النّاصب زاد في كلام المصنّف أو نقص كما وقع منه مثل هذا غير مرة ، فوجب الرّجوع إلى أصل مصحح من نسخة المصنّف هاهنا لتتّضح حقيقة الحال. واما ما أجاب به سادسا عن لزوم التّسلسل بما أسبقه فمدفوع : بما أسبقناه من لزوم انهدام دليلهم.
واما ما أجاب به سابعا من أنّ الصّفات ليست مغايرة للذّات بالكلّية ، فيمكن أن يكون البقاء صفة للذّات ويبقى ببقاء الذّات «إلخ» ففيه أنّ من جملة الصّفات الباقية لله تعالى البقاء ، فان أريد ببقاء البقاء بقاء الذّات عينه الذي بقي به الذّات يلزم ما ذكرنا سابقا من انهدام دليلهم على زيادة البقاء على الذّات ، وإن أراد به غير ذلك البقاء يلزم بقاء الذّات ببقائين وهو ممّا لم يقل به أحد ، فتعيّن أن يكون بقاء البقاء ببقاء قائم بذاته فيلزم ما ذكره المصنّف من قيام المعنى بالمعنى ، وأيضا هذا البحث إلزامي (١)
__________________
صفة موجودة فيكون بمنزلة قولنا أعمى لا عمى له صفة موجودة في الخارج وليس بمحال «منه قده».
(١) قد مر المراد من الدليل الالزامى فراجع.