بالباقي ، وأنّ الله تعالى باق ببقاء قائم بذاته ، ولزمهم من ذلك المحال الذي تجزم الضّرورة ببطلانه من وجوه : الاول أنّ البقاء إن عنى به الاستمرار لزم اتّصاف العدم بالصّفة الثّبوتية وهو محال بالضّرورة ، بيان الملازمة : أنّ الاستمرار كما يتحقّق في جانب الوجود فكذا يتحقّق في جانب العدم ، لإمكان تقسيم المستمرّ إليهما ، ومورد التّقسيم مشترك ، ولأنّ معنى الاستمرار كون الأمر في أحد الزمانين كما كان في الزّمان الآخر ، وإن عنى به صفة زائدة على الاستمرار ، فان احتاج كلّ منهما إلى صاحبه دار ، وإن لم يحتج أحدهما إلى الآخر أمكن تحقّق كلّ منهما بدون صاحبه ، فيوجد بقاء من غير استمرار وبالعكس ، وهو باطل بالضرورة ، وإن احتاج أحدهما إلى صاحبه انفكّ الآخر عنه وهو ضروري البطلان ، الثاني أنّ وجود الجوهر في الزّمان الثّاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدّور ، لأنّ البقاء عرض يحتاج في وجوده إلى الجوهر ، فإن احتاج إلى وجود هذا الجوهر الذي فرض باقيا كان كلّ من البقاء ووجود الجوهر محتاجا إلى صاحبه وهو عين الدّور المحال ، وإن احتاج إلى وجود جوهر غيره لزم قيام الصّفة بغير الموصوف وهو غير معقول ، أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر فجاز أن تقوم بذاته لا في محلّ ، ويقتضي وجود الجوهر في الزّمان الثّاني ، وهو خطأ ، لأنّه يقتضي قيام البقاء بذاته فيكون جوهرا مجرّدا والبقاء لا يعقل إلا عرضا قائما بغيره ، وأيضا يلزم أن يكون هو بالذاتيّة أولى من الذات ، وتكون الذات بالوصفيّة أولى منه ، لأنّه مجرّد مستغن عن الذات ، والذّات محتاجه إليه ، والمحتاج أولى بالوصفيّة من المستغني ، والمستغني أولى بالذّاتيّة من المحتاج ، ولأنّه يقتضي بقاء جميع الأشياء لعدم اختصاصه بذات دون أخرى حينئذ ، الثالث أنّ وجود الجوهر في الزّمان الثّاني هو عين وجوده في الزّمان الأوّل ، ولمّا كان وجوده في الزّمان الأوّل غنيّا عن هذا البقاء كان وجوده في الزّمان الثّاني كذلك ، لامتناع كون بعض أفراد الطبيعة محتاجا لذاته إلى شيء