أنّ له تتمة حذفها ، هي أن صفاته تعالى ليست غيرها كما هي ليست عينها ولعلّه إنّما حذفها هربا عن التّصريح بالفاسد ، لما مرّ من أنّ عدم المغايرة بين الذّات والصّفات إنّما هو بحسب اصطلاحهم ، ولا يفيد عدم المغايرة في نفس الأمر ، فلا يفيد أصلا ، وأما ما ذكره في تأويل كلام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام من احتمال إرادة صفات تكون هي غير الذّات بالكلّية فلا تخفى ركاكته ، ولقد أشبه قولهم الصّفات ليس غير الذّات بالكلّية قول الرّجل الخراساني الذي ضل حماره في قافلة وكان ذكرا ، فأخذ حمارا أنثى كان لأحد من رفقائه عوضا عنه ، فلمّا تكلّموا معه في ذلك وقالوا له إنك كنت تقول : إنّ حماري كان ذكرا وهذه أنثى قال : إنّ حماري أيضا لم يكن ذكرا بالكلّية ، فليضحك قليلا وليبك كثيرا (١) واما ما أجاب به عن الدّليل السّادس من أنّ المراد بعدم كون الصّفات عين الذّات أنّها مغايرة للذّات في الوجود «إلخ» فقد مرّ مرارا أنّ هذه الإرادة والاصطلاح منهم لا يدفع التّغاير في الواقع ، وهو ممّا يأباه العقل في باب التّوحيد ، على أنّ الواسطة بين الشيء وغيره ممّا يجدها كلّ عاقل ، وتخصيص الغير بما خصّصوه به لتصوير الواسطة تعسّف لا يخفى. واما ما ذكره بقوله كما يقال : إنّ علم زيد ليس عين زيد لأنّه صفة له وليس غيره بالكلّية «إلخ» فهو مثال من جملة مصنوعاته ، ولم نسمع إلى الآن من يقول : إنّ علم زيد ليس غيره بالكلّية ، وإنّما سمعنا نظيره عن الخراساني كما مر.
قال المصنّف رفع الله درجته
المبحث التاسع في البقاء ، وفيه مطلبان الاول أنّه ليس زائدا على الذّات ، وذهبت الأشاعرة إلى أنّ الباقي إنّما يبقى ببقاء زائد على ذاته ، وهو عرض قائم
__________________
(١) اقتباس من قوله تعالى في سورة التوبة : الآية ٨٢.