إذا أردنا تحليله نعبّر عنه بذات
له العلم ، مع أنّا نعلم أنّ الذّات غير مأخوذة في معنى العالم وكذا قيام معنى
العلم ، امّا أن الذّات غير مأخوذة فلأنّا إذا قلنا زيد عالم نعلم يقينا أنّ زيدا
بمنزلة الذات ، وليس المراد بزيد ذات له العلم ، بل المراد زيد له العلم ، وكيف لا؟
وقد استدلوا على ذلك بأنّه لو كان شيء أو ذات مأخوذا في المشتقّ لكان النّاطق
مركبا من العرضي ، كما قاله سيّد المحقّقين : قدسسره في حاشية المطالع ، فيلزم أن لا يصحّ التحديد به ، وفوق
هذا كلام : وهو أنّ إطلاق اسم المتكلّم على الفاعل للكلام ثابت في لسان العرب ، بل
ولا يطلقون اسم المتكلّم على القائم به الكلام أصلا ، لأنّ الفعل لا يوصف به
المفعول ، بل إنّما يوصف به الفاعل كالضّرب مثلا ، فلا يقال : الضّارب لمن وقع
عليه الضّرب ، بل لمن فعل الضّرب ، فحينئذ لا يقال المتكلّم من قام به الكلام بل
من فعله ، وإلا لكان الهواء متكلّما لقيام الحروف والصّوت به ، وقالوا تكلّم الجنّ
: على لسان المصروع لاعتقادهم أنّ الكلام المسموع من المصروع فاعله الجنّ ،
فأسندوه إلى الفاعل لا القائم به ، والأشاعرة لمّا قالوا إنّ الكلام هو المعنى
قالوا : معنى كونه متكلما هو قيام ذلك المعنى بذاته ، ثمّ افتروا به على اللّغة.
فان قلت الكلام على ما ذكرتموه يرجع إلى القدرة فلا يكون صفة مستقلّة أخرى ، قلت :
لا محذور في إرجاعه إلى القدرة وعدّه صفة مستقلّة أخرى ، بناء على فائدة مخصوصة :
هي أنّ
__________________