بهذه الحروف مجرّد كونه فاعلا لها لهذا الغرض المخصوص «انتهى» على أنّ ما ذكره النّاصب وشارح العقائد بحث لفظيّ لا يعتدّ به في المباحث العقليّة ، وإذا قام الدّليل على امتناع كونه تعالى متكلّما بالمعنى اللّغويّ المشهور ، وهو أنّ المتكلّم بمعنى من قام به الكلام ولم يتمّ الدّليل على المعنى القائم بالذّات ، فلا بدّ من التّشبث بالمعنى اللّغوي الغير المشهور ، وهذا كما قيل : في حمل الموجود عليه تعالى على قاعدة الحكماء ومن وافقهم من أنّ الوجود عين حقيقته غير قائم به ، إذ على هذا لا يصحّ لغة أن يقال : إنّه تعالى موجود ، إذ معنى الموجود لغة من قام به الوجود ، وهو يقتضي المغايرة ، وذلك باطل عندهم «تأمّل» والسّر في أنّ أهل اللّغة ربما يفسّرون صيغة الفاعل بمن قام به الفعل ، ما قاله بعض المحقّقين : من أنّ اللّغة لم تبن (١) على النّظر الدّقيق ، بل هم ينظرون إلى ظاهر الحال فيحكمون بقيام الكلام بالمتكلّم ويقولون باتّصاف المتكلّم به حال التّكلّم : وكيف لا؟ ولو بنيت اللّغة على النّظر الدّقيق لتعذّر في أكثر أفعال الحال؟ فانّه يلزم أن يكون مجازا ، مع أنّهم اتّفقوا على أنّ المضارع حقيقة في الحال ، في مثل يمشي ، ويتكلّم ، ويخبر ، بل يتوسّعون في معنى الحال ، ويعمّمونه عن المشي بين المشرق والمغرب ، ويريدون به الحال ، وقس عليه الحال في اسم الفاعل إذا قالوا : إنّه حقيقة في زيد ماش من المشرق إلى المغرب ، والحاصل أنّ النّظر الدّقيق يقتضي عدم قيام المبدأ وعدم بقائه في محلّ يقوم به ، وظاهر النّظر يميل إلى القيام والبقاء ، والملخّص أنّ معنى اسم الفاعل (٢) مثلا هو الأمر المجمل الذي يعبّر عنه في الفارسيّة «بدانا» و
__________________
(١) مضافا الى ان شأن اللغوي بيان موارد الاستعمال لا الوضع وان كان هذا لا يخلو عن مناقشة أوردناها في مباحث الألفاظ.
(٢) الظاهر أن كلمة «كالعالم» ساقطة من قلم الناسخ.