بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سمّى باطلا عين الغناء الذي كان يسمعه وآثر (١) سماعه ، وبأنّه علّل إعراض عمر عن سماعه بأنّه رجل لا يؤثّر سماع الباطل ، ويرشدك إلى أنّ الفتوى بحلّ الغنا ونحوه من الله ومخصوص بأهل السّنة ، وأنّه معمول متصوّفيهم صدور إنكار ذلك عن المعتزلة أيضا موافقا للإماميّة حيث قال صاحب الكشّاف في تفسير قوله تعالى : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) : (٢) واما ما يعتقده أجهل النّاس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم (٣) للشّرع وأسوؤهم طريقة ، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسّفهاء شيئا واحدا ، وهم الفرقة المفتعلة (خ ل المتفعلة) من التّصوف (الصوف) ، وما يدينون به من المحبّة والعشق والتغنّي على كراسيهم خرّ بها الله ، وفي مراقصهم عطلها الله بأبيات الغزل المقولة في المرد ان الذين يسمّونهم شهداء وصعقاتهم التي أين عنها (٤) صعقة موسى عند دكّ الطور؟ فتعالى الله عنه علوّا كبيرا «انتهى» فتأمّل وأما ما ذكره من أن المصنّف نقل قول واحد من القلندريّة «إلخ» ففيه أنّ المصنّف قدّس سره أعرف بحال من نقل منهم إباحة ترك الصّلاة وأنّهم من أهل السّنّة سواء سمّاهم النّاصب قلندريّة أو صوفيّة أو متصوّفة ، وقد سمعت أنّ هؤلاء يسمّون أنفسهم بالواصليّة ، ومرادهم من ذلك أنّهم وصلوا إلى الله تعالى وعرفوه حقّ المعرفة ، فسقط عنهم التّكليف ، وقد صرّح بذلك ابن قيّم الحنبلي (٥)
__________________
(١) آثر : اختاره.
(٢) المائدة : الآية ٥٤.
(٣) المقت : شدة البغض ، يقال ، مقت ومقت وماقت. الرجل إذا أبغضه أشد البغض.
(٤) أى شتان ما بينهما.
(٥) هو الشيخ محمد بن أبى بكر الحنبلي المشهور بابن قيم الجوزية ، توفى سنة ٧٥١ تلميذ ابن تيمية ، والمروج لمسلكه الذي بقي تراثا للوهابية في عصرنا ، وابن تيمية وتلميذه هذا ممن كفره علماء الإسلام في عصره لظهور مقالات منكرة منه ، كالقول