__________________
بنيانه ، وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم ان الداء سرى الى الدين من رهبة النصارى فتلقاه جمع من العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاوس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم الى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما ابقوا حجرا على حجر من أساس الدين ، أولوا نصوص الكتاب والسنة وخالفوا الاحكام الفطرية العقلية ، والتزموا بوحدة الوجود بل الموجود ، وأخذ الوجهة في العبادة والمداومة على الأوراد المشحونة بالكفر والأباطيل التي لفقتها رؤسائهم! والتزامهم بما يسمونه بالذكر الخفي القلبي شارعا من يمين القلب خاتما بيساره معبرا عنه بالسفر من الحق الى الخلق تارة ، والتنزل من القوس الصعودي الى النزولى أخرى وبالعكس معبرا عنه بالسفر من الخلق الى الحق والعروج من القوس النزولى الى الصعودي أخرى فيا لله من هذه الطامات ، فأسروا ترهاتهم الى الفقه ايضا في مبحث النية وغيره ورأيت بعض مرشديهم يتلو اشعار المغربي العارف من ديوانه ويبكى ويعتنى به كالاعتناء بآيات الكتاب الكريم فتعسا لقوم تركوا القرآن الشريف وأدعية الصحيفة الكاملة زبور آل محمد «ص» وكلمات موالينا وساداتنا الأئمة عليهمالسلام ، واشتغلوا بأمثال ما أومأنا إليها ، ورأيت بعض من كان يدعى الفضل منهم يجعل بضاعة ترويج مسلكه أمثال ما يعزى إليهم عليهمالسلام (لنا مع الله حالات فيها هو نحن ونحن هو) وما درى المسكين في العلم والتتبع والتثبت والضبط أن كتاب مصباح الشريعة وما يشبهه من الكتب المودعة فيها أمثال هذه المناكير مما لفقتها أيادى المتصوفة في الاعصار السالفة وأبقتها لنا تراثا.
وخلاصة الكلام أنه آل أمر الصوفية الى حد صرفوا المحصلين عن العلم بقولهم : ان العلم حجاب وأن بنظرة من القطب الكامل يصير الشقي سعيدا بل وليا وبنفحة في وجه المسترشد والمريد او تفلة في فمه تطيعه الأفاعي والعقارب الضارية وتنحل تحت أمره قوانين الطبيعة ونواميس نشأة الكون والفساد ، وأن الولاية مقام لا ينافيها ارتكاب الكبائر بل الكفر والزندقة معللين بانه لا محرم ولا واجب بعد الوصول والشهود ، ثم ان شيوع التصوف وبناء الخانقاهات كان في القرن الرابع حيث ان بعض المرشدين