العقاب هو محلّ النّزاع ، فهو عند الأشاعرة شرعيّ وعند المعتزلة عقليّ ، وأما الحسن والقبح بمعنى ملائمة الغرض ومنافرته وترتب المصلحة والمفسدة عليهما فهما عقليّان بالاتّفاق ، وهذا من ذلك الباب ، وسنبيّن لك حقيقة هذا المبحث في فصل الحسن والقبح إن شاء الله. ثم اعلم أنّا سلكنا في دفع لزوم الإفحام عن الأنبياء مسلكا لم يسلكه قبلنا أحد من السّلف ، وأكثر ما اطلعنا عليه من كلامهم لم يفد دفع الإفحام كما هو ظاهر على من يراجع كلامهم والله أعلم إذا عرفت هذا علمت أنّ الإفحام مندفع على تقدير القول : بالوجوب الشّرعيّ في هذا المبحث ، فأين الانجرار إلى الكفر والإلحاد؟ ، ثمّ من غرائب طامّات هذا الرّجل أنّه أورد شبهة على كلام الأشاعرة ، وهي مندفعة بأدنى تأمّل ، ثم رتّب عليه التّكفير والتّفسيق ، وهذا غاية الجهل والتّعصب ، وهو رجل يريد ترويج طامّاته ليعتقده القلندريّة (١)
__________________
(١) القلندرية ، نسبة الى قلندر ، على وزن سمندر وسلندر ، يقال لجماعة من الدراويش الصوفية : قلندرية وهم الذين ، نشروا الشعور ، وأطالوا اللحى ، وفتلوا الشوارب ، وتركوا الأظافر بحالها ولم يقصوها ، ومشوا حفاة ، وشدوا حجر القناعة على بطونهم والمخلاة على أوساطهم ، وأخذوا الكشكول بأيديهم ، والطبرزين على عواتقهم والسبحة ذات الالف خرزة على أعناقهم ، وجلود السباع على أكتافهم ، وجعلوا الاستعطاء والسؤال وسيلة معاشهم ، وأراحوا نفوسهم من التكاليف العبادية ، واكثر مقالتهم لا مؤثر في الوجود الا هو هر چه هست از او است ، وحده لا الا هو است.
هو هو هو يا هو يا من هو ، لا موجود الا هو كل ما في الكون وهم او خيال او عكوس في مرايا او ظلال وهم الذين اعتقدوا بان كل ملة ومذهب وطريقة حق من جهة انها الطرق الى الله تعالى.
وهم الذين ذهبوا الى أنه لا شر ولا خير ولا سوء في النشأة الناسوتية بل الكل خير وهم الذين اعتادوا الأفيون ، والبنج ، والحشيش ، واقتناء الحياة ، والأفاعي ، والثعابين ،