جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ؛ فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ، والظاهر أنّ تسبيحه عليهالسلام في هذا المقام تنزيهه عن مشابهة الأعراض والأجسام وتبرئة لسؤال الرّؤية ، ولهذا قالوا : إنّما أخذتهم الصّاعقة لذنوبهم بسؤال الرّؤية ، وقد يخطر بالبال أنّه لو لا كرامة نبيّنا صلىاللهعليهوآله في أنّه تعالى رفع عن امّته المسخ (٢) وبعض العقوبات الفضيحة ، لنزلت عليهم أيضا صاعقة من السماء ، وإنّما أطنبنا في هذا المقام لكونه مزلة لأقدام الخصام وبالله التّوفيق في نيل المطلوب وإصابة المرام.
قال المصنّف رفع الله درجته
المسألة الثانية في النّظر وفيه مباحث الاول أنّ النّظر الصّحيح يستلزم العلم ، الضّرورة قاضية بأنّ كلّ من عرف أنّ الواحد نصف الإثنين وأنّ الإثنين نصف الأربعة ، فإنّه يعلم أنّ الواحد نصف نصف الأربعة ، وهذا الحكم لا يمكن الشّكّ فيه ، ولا يجوز تخلّفه عن المقدّمتين السّابقتين ، وأنّه لا يحصل من تينك المقدّمتين السّابقتين أنّ العالم حادث ، ولا أنّ النّفس جوهر ، وأنّ الحاصل أوّلا اولى من حصول هذين ، وخالفت الأشاعرة كافّة العقلاء في ذلك ، فلم يوجبوا حصول العلم عند حصول المقدّمتين ، وجعلوا حصول العلم عقيب المقدّمتين اتّفاقيّا يمكن أن يحصل وأن لا يحصل ، ولا فرق بين حصول العلم بأنّ الواحد نصف نصف الأربعة عقيب قولنا : الواحد نصف الإثنين ، والاثنان نصف الأربعة ، وبين حصول العلم بأنّ العالم محدث أو أنّ النّفس جوهر ، أو أنّ الإنسان حيوان أو أنّ العدل حسن ، عقيب قولنا : الواحد نصف الإثنين ، والاثنان نصف الأربعة ، وبين حصول العلم بأنّ العالم محدث أو أنّ النّفس جوهر ، أو أنّ الإنسان حيوان أو أنّ العدل حسن ، عقيب قولنا : الواحد نصف الإثنين ، والاثنان نصف الأربعة ، وأىّ عاقل يرضى لنفسه
__________________
(١) الأعراف. الآية ١٤٣.
(٢) كما تدل عليه عدة روايات مودعة في كتب علماء الإسلام من الفريقين الخاصة والعامة