إعتقاد أنّ من علم أنّ الواحد نصف الإثنين والاثنان نصف الأربعة ، يحصل له علم أنّ العالم محدث ، وأنّ من علم أنّ العالم متغيّر ، وأنّ كلّ متغير محدث ، يحصل له العلم بأنّ الواحد نصف نصف الأربعة؟ ، وأنّ زيدا يأكل ولا يحصل له العلم بأنّ العالم محدث ، وهل هذا إلا عين السّفسطة «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : مذهب الشّيخ أبي الحسن (١) الأشعري أن حصول العلم الذي هو النّتيجة عقيب النّظر الصّحيح بالعادة ، وإنّما ذهب إلى ذلك بناء على أنّ جميع الممكنات مستندة عنده إلى الله سبحانه ابتداء ، أى بلا واسطة ، وعلى أنّه تعالى قادر مختار ، فلا يجب عنه صدور شيء منها ، ولا يجب عليه ولا علاقة بوجه بين الحوادث المتعاقبة إلا بإجراء العادة بخلق بعضها عقيب بعض كالإحراق عقيب مماسّة النّار والرّيّ بعد شرب الماء ، فليس للمماسّة والشّرب مدخل في وجود الإحراق والرّيّ ، بل الكلّ واقعة بقدرته واختياره تعالى ، فله أن يوجد المماسّة بدون الإحراق ، وأن يوجد الإحراق بدون المماسّة ، وكذا الحال في سائر الأفعال ، وإذا تكرّر صدور الفعل منه وكان دائما أو أكثريّا ، يقال : إنّه فعله بإجراء العادة ، وإذا لم يتكرّر أو تكرّر قليلا فهو خارق العادة أو نادر ، ولا شكّ أنّ العلم بعد النّظر ممكن حادث محتاج إلى المؤثّر ، ولا مؤثّر إلا الله ، فهو فعله الصّادر عنه بلا وجوب منه ، ولا عليه ، وهو دائم أو أكثرىّ فيكون عاديّا ، هذا مذهب الأشاعرة في هذه المسألة ، وقد بيّنا فيما سبق ، أنّ المراد من العادة ما ذا؟ فالخصم إمّا أن يقول : إنّ استلزام النّظر الصحيح
__________________
(١) قد مرت ترجمته على سبيل الاختصار. فليراجع ومن رام الوقوف على مقالاته في الأصول الاعتقادية فليراجع كتابه المسمى بالابانة فانه يجد ضالته المنشودة فيه.