الأوّل نقليّا والزّائد دليلا عقليّا ليتوافق النّقل والعقل ويحصل الاطمينان التّام لا يدلّ على التعنّت ، ولا يوجب العقاب والعتاب ، كيف؟ وقد أتى شيخ الأنبياء إبراهيم عليهالسلام بمثل ذلك : حيث اقترح إراءة إحياء الموتى لاطمئنان قلبه كما أخبر عنه في القرآن مع علمه بذلك من الوحى وغيره من الأدلة ، حتّى أنّه لمّا خاطبه تعالى بقوله : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ، (١) أى بتعاضد الأدلة ، وأما ما قيل (٢) : من أنّ قولهم (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) ، يدلّ على لجاجهم ، وأنّه بعد ما ردّ موسى عليهالسلام الرّؤية لجّوا وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) ، إذ لا يقال ابتداء : لن يقوم ، بل يقال : لا يقوم ، فإذا خولف يقال لتأكيد الرّد : لن يقوم «انتهى» ، فأقول سقوطه ظاهر ، لأن وقوع الرّد عليهم من موسى عليهالسلام قبل ذلك من قبيل الرّجم بالغيب ولم يذكره أحد من المفسّرين في شأن نزول هذه الآية ، وما ذكره من دلالة كلمة لن على ذلك ، لأنه لا يذكر في ابتداء الكلام فهو مقدّمة كاذبة افتراها على أهل اللّسان ، وكم لها نظير في فصيح الكلام ، بل الوجه في إيراد كلمة (لن) هاهنا هو أنّهم لما سألوا موسى عليهالسلام أوّلا أن يكلّمهم الله تعالى وأجاب الله تعالى سؤالهم فتشرّفوا بلذّة استماع كلامه ، ازداد طمعهم وحرصهم [جرّهم خ ل] إلى طلب ما هو أكبر وألذّ ، كما ورد في المشهور ، أنّ من كرم المولى سوء أدب غلمانه فلغاية الاهتمام في تحصيل ذلك المطلوب زادوا في الإبرام وأدرجوا كلمة لن في الكلام ، وأما ثانيا فلأنّ
__________________
توفى في حدود سنة ٧٣٠ ببلدة نيسابور ثم ان لقبه النظام اى نظام الدين لا النظام على وزن شداد كما هو المشهور فلا تغفل. ثم الصحيح في وفاته ما ذكرنا لا ما في بعض كتب التراجم ولا ما في كشف الظنون فلا تغفل.
(١) البقرة. الآية : ٢٦٠.
(٢) القائل عصام الدين الأسفرايني العربشاهى صاحب الحاشية على شرح الجامى في النحو والمطلب الذي نقله القاضي الشهيد مذكور في حاشيته على تفسير القاضي البيضاوي.