في كلتا الآيتين لطلبهم الرّؤية وامتناعها كما يظهر من التّأمّل في قوله تعالى : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) ومن ينكر ذلك فهو ظالم فإنها لو كانت ممكنة لما عذّبهم الله تعالى بإيقاع الصّاعقة عليهم حين طلبها ، إذ نعلم بالضّرورة أنّ الله تعالى لا يرضى بتعذيب جماعة علّقوا ايمانهم على أمر ممكن وطلبوه واعترفوا بأن يؤمنوا بعد وقوعه ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) بل كان يخبرهم بعدم إمكانها على وجه ملائم ، كما قيل في قوله تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (١) وقال النبيّ العربيّ صلىاللهعليهوآله أغنوهم عن مسألتهم ولو بصقرة (٢) تمرة ، فعلى هذا ظهر : أنّ حمل ذلك على تعنّتهم وعنادهم تعنّت وعناد ، إذ لا يعقل تعذيب جماعة علّقوا ايمانهم على أمر ممكن ولو في الآخرة ، وطلبوا الهداية عن نبيّهم لكونهم متعنّتين باعتبار شيء آخر ، ولعلّهم فهموا التّعنّت من اقتراح دليل زائد يدلّ على صدق المدّعى بعد ثبوته كما ذكره الفاضل النّيشابوري (٣) في تفسيره ، وفيه أنّ اقتراح دليل زائد سيّما إذا كان الدّليل
__________________
(١) الضحى. الآية : ١٠.
(٢) ويقرب منه ما رواه الخاصة من
قوله عليهالسلام تصدقوا ولو بشق تمرة(الوسائل ج ٢ كتاب الزكاة أبواب الصدقة ص ٦٧ ط امير) وغيره. ورواه العامة عن النبي «ص» (الجامع الصغير ج ٢ ص ٣٨٤ ط مصر).
وما رواه الخاصة عن حفص ابن عمر عن أبى عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لا تردوا السائل ولو بظلف محترق (الوسائل ج ٢ كتاب الزكاة أبواب الصدقة ص ٥١ ط امير). ورواه احمد في (مسنده ج ٥ ص ٣٨٠).
(٣) هو المولى الحسن (الحسين خ ل) بن محمد بن الحسين النيسابوري المشتهر بالنظام الأعرج المفسر المحدث العارف صاحب التفسير الكبير المعروف وشرح شافية ابن الحاجب في الصرف المتداول بين المحصلين ويعرف بشرح النظام وله رسالة في الحساب وكتاب في وقوف القرآن