رصانتها العلمية ، فبقيت جملة محددة ومشخصة ، يذهب معظم الباحثين إلى ان اشهرمن كتب في هذا الجانب كانا محمد بن اسحاق بن يسار ( ت ١٥١ هـ ) ومحمد بن عمر الواقدي ( ت ٢٠٧ هـ ) ، وان كان قد سبقهما في التصنيف عروة ابن الزبير (١) ، ووهب بن منبه (٢) ، بيد ان ندرة او قلة ما وصل بايدي الباحثين والمؤرخين ، لم تحدد للاخيرين سيرة متكاملة محددة المعالم ، إلا أن كثرة نقول ابن اسحاق والواقدي عنهما تبين بوضوح انهما ـ وبالاخص عروة بن الزبير ـ كانا قد سبقا في هذا المضمار (٣).
كما ان التأمل في هاتين السيرتين ـ واللتين تعدان بلا شك دعامتين مهمتين في تدوين ما عرف بالتأريخ الاسلامي ـ تبين بوضوح ايضاً انهما كانا في احيان كثيرة تابعتين لعروة بن الزبيرفي تحديد مساريهما ، وتثبيتهما للوقائع المهمة ، لا سيما فيما يتعلق بالهجرة إلى الحبشة والمدينة ، وغزوة بدر وغيرها ، وكذا بالنسبة لوهب بن منبه ، حيث روى ابن اسحاق عنه القسم الاول من السيرة.
وان كان هذا الامر لا يلغي في حدوده وجود ثلة لا باس بها من المؤرخين واصحاب السير ، حاولت أن تدلي بدلوها في هذا المعترك المهم امثال : ابان بن عثمان ( ت ١٠٥ هـ ) وشرحبيل بن سعد ( ت ١٢٣ هـ ) وابن شهاب الزهري
ــــــــــــــــــ
(١) اخ عبد الله بن الزبير ، كان يعد من كبار فقهاء المدينة ، اعتزل اخاه في قتاله مع الامويين ، ثم بايع عبد الملك بن مروان بعد مقتل اخيه.
(٢) قال عنه ابن حجر ( تهذيب التهذيب ١١ : ١٤٨ ) : كان أول حياته يقول بالقدر ، وكتب فيه كتاباً.
وقال ياقوت الحموي ( معجم الأدباء ١٩ : ٢٥٩ ) : كان كثير النقل من الكتب القديمة المعروفة بالاسرائيليات.
وقال الذهبي ( سير أعلام النبلاء٥ : ٤٤٥ ) : روايته للمسند قليلة ، وإنّما غزارة علمه في الاسرائيليات ، ومن صحائف أهل الكتاب.
(٣) أنظر كشف الظنون ٢ : ١٧٤٧.