الشّك الذي يمكن فيه البناء. انتهى كلامه رحمهالله.
أقول : وللنظر في أكثر أدلّة الطرفين مجال واسع يظهر لمن تأمّلها ، ولكن ما ذكره الشهيد ـ مع ما تحقّق في محلّه من المسامحة في أدلّة السّنن الثابتة بالإجماع والأخبار المعتبرة ـ يكفي في جواز هذا الاحتياط واستحبابه ، ويدلّ عليه قول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لكميل بن زياد : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» (١). وسنبيّن وجه دلالته ، هذا ولكن خوف الوقوع في الوسواس حاصل في البناء على الاحتياط وهو الغالب الوقوع في أكثر النّاس ، فمن خاف الوقوع فيه فلا يظهر رجحان الاحتياط له ، وقد أشرنا الى ذلك في مباحث الأخبار أيضا فلاحظ (٢).
ثمّ إنّ الاحتياط هو الأخذ بما هو أوقى للنفس من الهلاك في صورة الاحتمال لا في صورة الجزم ، فالإتيان بالواجب المعلوم وترك المحرّم كذلك ليس باحتياط ، فكلّ ما دلّ عليه الدليل واقتضاه فليس باحتياط ، فمثل الإتيان بالفعل المشكوك فيه من أفعال الصلاة ممّا لم يتجاوز محلّه ، والشّك في فعل الصلاة ما دام وقته باقيا ، والشّك في عدد الركعات الثنائيّة والثلاثيّة ما دام في الصلاة وأمثال ذلك ، حكمه وجوب الإتيان ، للأصل والاستصحاب ، فالمظنون العدم.
وأمّا منع خروج الوقت في الصلاة والدّخول في الفعل اللّاحق في أجزائها ، فالظّاهر من حال المسلم الاتيان بها ، وهو مظنون ، فلا يجب ذلك فيها لذلك أو
__________________
(١) «الوسائل» ٢٧ / ١٦٧ الحديث ٣٣٥٠٩.
(٢) الوجه الخامس من قانون الاختلاف في حجية خبر الواحد العاري عن القرائن من مبحث السنة ج ٢ ص ٤٣٥.