فيه الأمارتان أو اختلفت الأمّة فيها على قولين ، لأنّ المقتضى تعارض الأمارتين والاحتمالين التّخيير [لأن مقتضى تعارض الأمارتين والتّخيير والاحتمالين] ، والأصل عدم وجوب التعيين لمن لم يثبت عليه الخصوصيّة ، والتكلّف بأحدهما المعيّن عند الشّارع المجهول عند المكلّف ، لم يثبت لما أشرنا سابقا ، مع أنّه لا معنى للاحتياط هنا لحرمة (١) كلّ منهما على فرض ثبوت الآخر ، فالمكلّف المحتاط وإن كان خرج بزعمك عن تبعة ترك الواجب لأجل إتيانه بمحتملاته ، لكنّه بقي عليه تبعة ارتكاب المحرّم الواقعيّ جزما.
ولا ريب أنّ ارتكاب ما لم يعلم فيه ارتكاب الحرام ، واحتمل فيه إتيان الواجب أسلم من ارتكاب ما علم فيه ارتكاب الحرام وإتيان الواجب.
فإن قلت : (٢) فعلى هذا يلزم حرمة الجمع ، لعدم الدّليل على فعله فيكون تشريعا فلا معنى لاستحبابه ، بل جوازه أيضا.
قلت : التشريع المحرّم إنّما هو إدخال ما ليس من الدّين ، أو شكّ أنّه منه بقصد أنّه منه ، لا الإتيان بما احتمل أن يكون منه رجاء أن يكون منه ، فالإتيان بهما مجتمعا باعتقاد أنّه أحد أفراد المأمور به ، وأنّ التكليف مردّد بين كلّ منهما منفردا ، وكليهما مجتمعا ، ليس عليه دليل ، بل هو تشريع محرّم ، ولكنّ الإتيان بهما من حيث إن كلّا منهما يحتمل أن يكون نفس مطلوب الشّارع الواقعيّ الذي نابه
__________________
(١) هذه الحرمة تشريعية لا شرعية فترتفع بالاحتياط كما ذكر السيد علي القزويني في حاشيته.
(٢) اي على ما ذكرت من منع الاحتياط في مسألة الظهر والجمعة يلزم حرمة الجمع مع أنّك معترف باستحباب الاحتياط على نحو الجمع. فأجاب انّ ما ذكرنا يرد على صورة وجوب الاحتياط لا رجحان الاحتياط.