وأمّا الكلام في مثل التّكفير (١) ، فلعلّ الكلام فيه أيضا يرجع الى الكلام في الشّبهة المحصورة ، وقد حقّقنا أنّه لا يجب فيها الاجتناب عن الجميع ، للأصل ، ولقوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» (٢). ومن هذا الباب الصلاة فيما شكّ في كونه ممّا يجوز فيه الصلاة وعدمه ، كالمشتبه بالخزّ والمشتبه بفضلة غير المأكول ، كالعظم المردّد بين كونه من البعير أو الفيل.
وكذلك الكلام في صورة اشتباه القبلة ، فإنّ الأصل عدم وجوب الاستقبال حينئذ ، إذ لم يثبت من الأدلّة إلّا حال الإمكان. وظهر من ذلك ضعف الاستدلال بأنّه مكلّف بالصلاة مستقبلا وهو لا يتمّ إلّا بالصلاة الى أربع جوانب.
نعم ، استدلال المشهور على ذلك برواية خراش (٣) وهي مع ضعفها معارضة بنصوص صحيحة تدلّ على كفاية الصلاة الواحدة بأيّ جهة شاء.
وممّا ذكرنا (٤) يظهر ضعف القول بوجوب الجمع بين الظهر والجمعة لمن اشتبه عليه الأمر ، وكذلك القصر والإتمام في الأربعة فراسخ ، ونحو ذلك ممّا تعارضتا
__________________
(١) الذي عرفت من الكلام السّابق في مسألة المحقّق السّبزواري.
(٢) «الكافي» ٥ / ٣١٣ ح ٣٠.
(٣) محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن اسماعيل بن عباد عن خراش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السّماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه «الوسائل» ٤ / ٣١١ الحديث ٥٢٣٩ ، ومثله في «التهذيب» ٢ / ٤٥ ، الحديث ١٤٥ ، و «الاستبصار» ١ / ٢٩٥ الحديث ١٠٨٦.
(٤) من عدم وجوب اتيان الجميع في الشّبهة.