الوجوب حينئذ.
وأمّا فيما لم يتعارض فيه النصّان لعدم بلوغ نصّ فيه إلينا ، كما شكّ في مدخليّة شيء في العبادة وعدمها ، مثل بعض الحركات والأفعال القليلة التي لم يعلم اشتراط عدمها في الصّلاة ، وشكّ في مدخليّة تركها فيها ، فنقول أيضا : الأصل عدم مدخليّة ذلك في العبادة ، والأصل براءة الذّمة عن التكليف به فيها ، إذ لم يثبت من أدلّة وجوب الصلاة إلّا هذا المقدار من الأجزاء والشّرائط ، فإنّ تكليفنا ليس إلّا تحصيل الظنّ بتلك الماهيّة ولم يثبت اشتغال ذمّتنا بتحصيل أزيد من ذلك.
والقول بعدم جواز العمل بالظنّ الاجتهاديّ ووجوب الاحتياط في أوّل الأمر كلام سخيف وخيار ركيك لا يذهب إليه (١) الأفهام المستقيمة ، كما حقّقناه سابقا في مباحث الأخبار ، وكلامنا في هذا المقام بعد الفراغ من أنّ الظنّ الاجتهاديّ حجّة ، وإشكالنا في وجوب الاحتياط وعدمه فيما لم يحصل ظنّ من جهة الأدلّة غير الأصل ، مع أنّ تحصيل اليقين في الصلاة من جهة قراءة السّورة ، لا يجدي في صيرورة الصّلاة هي الصّلاة النفس الأمريّة ، لاشتمال الصّلاة على مسائل لا تحصى ، لا يمكن تحصيل القطع في جميعها كما أشرنا إليه ثمّة ، وما بعضه قطعيّ فليس جميعه بقطعيّ.
فالقول بأنّ اشتغال الذمّة بماهيّة العبادة يوجب وجوب الاحتياط في أجزائها المشكوكة من غير نصّ ضعيف جدّا ، فضلا عما شكّ فيه من جهة تعارض النّصوص.
نعم ، القول بأنّ اشتغال الذمّة يقينا يوجب تحصيل القطع بالبراءة ، يصحّ فيما لو
__________________
(١) بتقدير (ذوي).