فيه ، وعدم ثبوت الاشتراك بسبب الإجماع إلّا بما أمكننا معرفته علما أو ظنّا لاستحالة التكليف بالمحال في بعضها ، ولزوم العسر والحرج المنفيّ في أكثرها ، مع أنّا قد أشرنا في مباحث الأخبار الى أنّ طريقة مكالمة الشّارع هي طريقة العرف ، فإنّهم يكتفون بظاهر أفهام المكلّفين ، فلا يجب على الشّارع أن يتفحّص عن المخاطب أيضا ، هل فهم المراد الواقعيّ النفس الأمريّ أو شيئا آخر ، فإنّه ممّا لا يمكن غالبا ، بل يؤدّي الى التسلسل ، إذ إعادة الكلام في تفهيمه أيضا ربّما يكون فيه ذلك المحذور ، مع أنّهم عليهمالسلام كثيرا ما رأوا من المخاطبين غفلتهم واشتباههم فيما هو مرادهم ، فقالوا : أين تذهبون إني قلت كذا وهو فهم كذا ، ومع ذلك فيكتفون بمجرّد ظهور فهم المراد والظنّ به أيضا. فلم يعلم من الخطابات المتوجّهة الى المشافهين إلّا تكليفهم بما بيّنوه لهم وأعلموهم أنّه هو الصلاة مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا كما رأيتموني أصلي» (١). أو أمكنهم معرفة أنّه هو الصلاة ، ولم يظهر أنّ الخطابات المتوجّهة إليهم كان خطابا بما في نفس الأمر مع عدم علم المخاطبين بما في نفس الأمر حتّى يقال : إنّا أيضا مشتركون معهم في ذلك للإجماع على الاشتراك. ولا ريب أنّ الظنّ الاجتهاديّ فيما يعلم مدخليّته في العبادة ، يحصل في جانب العدم وأصل البراءة ، وعدم العلم بغيره ولا الظنّ به.
فإذا رأينا الأدلّة متعارضة في وجوب السّورة في الصّلاة ولم يحصل لنا مرجّح ، فالظنّ الاجتهاديّ يفيد التخيير (٢) عقلا ونقلا ، ولم يثبت علينا في تحصيل ماهيّة الصلاة والمعرفة بها إلّا متابعة الظنّ الاجتهاديّ ، وهو في عدم
__________________
(١) «عوالي اللئالى» ٣ / ٨٥ الحديث ٧٥.
(٢) التّخيير فيما تعارض فيه النصّان.