وأمّا ما يظهر من بعض المجتهدين العمل عليه وجوبا كالسيّد رحمهالله وغيره ، فهو في غير ما لا نصّ فيه ، بل هو ممّا ثبت اشتغال الذّمة فيه بزعمهم كما لا يخفى على من لاحظ مظانّها ، فلاحظ «الانتصار» (١) و «المسائل الناصريّة» (٢) وسائر كلمات من ذهب الى هذه الطريقة كالشهيد رحمهالله في كثير من كلماته.
وأمّا التفصيل (٣) ، فيحتاج الكلام فيه الى بيان المعنى المراد من اشتغال الذّمة. فأقول : لا ريب أنّ الأقوى ، بل المتعيّن أنّ مع اشتغال الذّمة بشيء لا بدّ من حصول اليقين برفعه أو الظنّ القائم مقامه للاستصحاب ، وقولهم عليهمالسلام : «لا تنقض اليقين إلّا بيقين مثله»(٤).
والمراد بالاشتغال هو الاشتغال المعلوم ، كذلك فالرّافع والمزيل أيضا لا بدّ أن يكون كذلك ، وفي غيره لم يثبت. فإذا علمنا التكليف بالصلاة في الجملة ، فلا يثبت اشتغال ذمّتنا إلّا بما ظهر لنا أنّه صلاة ، إمّا بالعلم أو الظنّ الاجتهاديّ بأنّه هو الصلاة ، ولم يثبت اشتغال ذمّتنا بما هو صلاة في نفس الأمر خاصّة ، فإنّ الألفاظ وإن كانت أسامي للأمور النّفس الأمريّة ، ولكنّ التكليف لم يثبت إلّا بما أمكننا معرفته ، لعدم توجّه الخطاب الشّفاهي إلينا حتّى نتّبع ظاهر اللّفظ بعد تسليم ظهوره
__________________
(١) في وجوب القنوت بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد لأنّ باقي الفقهاء لا يراعي ذلك ، تمسّكا بأنّه لا يحصل اليقين ببراءة ذمته من الوجوب إلّا بالقنوت. راجع «الانتصار» ص ١٧١.
(٢) للسيد المرتضى وكذا «الانتصار».
(٣) اي تفصيل الكلام في ردّ القول بوجوب الاحتياط مطلقا ، ويحتمل أن يكون المراد بالتّفصيل ، التّفصيل المذكور من الأقوال.
(٤) «التهذيب» ١ / ٨ الحديث ١١ ، و «الوسائل» ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١.