احتج القائلون بالاحتياط : بقوله عليهالسلام : «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» (١).
وبأنّ الثّابت اشتغال الذّمة يقينيّا فيجب أن لا يحكم ببراءتها إلّا بيقين ، ولا يقين إلّا مع الاحتياط.
والجواب عن الحديث أن نقول : هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول.
سلّمناه لكن إلزام المكلّف بالأثقل مظنّة الرّيبة لأنّه إلزام بمشقّة لم يدلّ الشّرع عليها ، فيجب اطراحها بموجب الخبر.
والجواب عن الثاني أن نقول : البراءة الأصليّة ـ مع عدم الدلالة الناقلة ـ حجّة.
وإذا كان التقدير ، [تقدير] عدم الدلالة الشرعيّة على الزّيادة ، كان العمل بالأصل أولى ، وحينئذ لا نسلّم اشتغال الذّمة مطلقا ، بل لا نسلّم اشتغالها إلّا بما حصل الاتّفاق عليه ، أو اشتغالها بأحد الأمرين.
ويمكن (٢) أن يقال : قد أجمعنا على الحكم بنجاسة الإناء واختلفنا فيما به يطهر ، فيجب أن يؤخذ بما حصل الإجماع عليه في الطهارة ليزول [فيزول] ما أجمعنا عليه من النجاسة بما أجمعنا عليه من الحكم بالطهارة. انتهى.
أقول : قد عرفت عدم الإشكال في عدم وجوب الاحتياط فيما لا نصّ فيه ، وشبهة الموضوع للعقل والنقل ، وستعرف فيما تعارض فيه النصّان في محلّه. فالقول بوجوب الاحتياط مطلقا لا يحتاج ضعفه الى البيان ، ولعلّ القول به مختصّ بالأخباريين.
__________________
(١) «الوسائل» ٢٧ / ١٦٧ الحديث ٣٣٥٠٦.
(٢) ربما هذا تأييد للقائل بالاحتياط على تقدير الاشتغال.