الخصوص كما أشرنا سابقا إليه ، وذكرنا أنّ ظاهر أخبار التوقّف أيضا المنع عن العمل بالقياس ، والغرض بيان المنع عن التكليف في تحصيل الحكم الخاصّ بالواقعة من جهة القياس ونحوه ، وهو لا ينافي الحكم بأصالة البراءة من جهة أنّها مجهولة الحكم بالعموم لما مرّ من الأدلّة للمختار.
وأمّا عن قول الأخباريين ، فبأن نحملها على ذلك ونقول : إنّ الحكم العامّ من حيث الجهالة ، هو الاحتياط ، إذ لا ثالث.
والمراد بالاحتياط هو الأخذ بما لا يحتمل الضّرر ، أو ما كان أقلّ ضررا سواء كان فعلا أو تركا ، كما هو المتبادر منه في العرف والشّرع ، بل هو الظّاهر من أهل اللّغة ، وتخصيصها بما احتمل الوجوب وغيره ، لا وجه له.
فالظّاهر أنّ كلّ من يوجب الاحتياط يوجب التوقّف عن الحكم الخاصّ ، والحكم بالبراءة الأصليّة عموما ، وأنّ القائل بوجوب التوقّف يوجب الاحتياط ، ويشهد بما ذكرناه أنّ الفاضل المحدّث الحرّ العاملي رحمهالله قال في «الوسائل» (١) ـ باب وجوب التوقّف والاحتياط في القضاء والفتوى والعمل في كلّ مسألة نظرية لم يعلم حكمها بنصّ عنهم عليهمالسلام ـ ثمّ ذكر في الباب أخبار التوقّف والاحتياط ، وفي الباب أيضا مواضع دلالة على ما قلناه. فحينئذ نقول : المجتهدون والموجبون للاحتياط ، كلاهما متوقّفون عن الحكم الخاصّ بالواقعة ، ونزاعهم في أنّ الحكم العامّ حينئذ هل هو البراءة الأصلية أو الاحتياط.
وأمّا ما يتوهّم من أنّ المراد من التوقّف ، التوقّف عن الإفتاء ، والمراد من
__________________
(١) ج ٢٧ الباب ١٢ وفيه ٦٨ حديثا.