فلا يجوز أن يكون منسوخا ، لأنّ النّاسخ إمّا الكتاب ، وإمّا السنّة ، وإمّا الإجماع ، وإمّا القياس.
أمّا القياس فإنّما يكون حجّة عندهم إذا لم ينعقد الإجماع على خلافه.
وأمّا الكتاب والسنّة فلأنّ المفروض أنّهما قبل الإجماع ، والنّاسخ لا بدّ أن يتأخّر.
وأمّا الإجماع فلأنّه لا بدّ له من مستند ، فهو إمّا نصّ أو قياس ، فإن كان نصّا فيكون الإجماع الأوّل باطلا ، لكونه على خلاف الشيخ ؛ فلا نسخ.
وإن كان قياسا فيكون الثاني باطلا ، لما مرّ ، وأنّه لا يجوز أن يكون ناسخا ، فلأنّ المنسوخ إمّا أن يكون نصّا أو إجماعا أو قياسا ، والكلّ باطل.
أمّا الأوّلان فلامتناع انعقاد الإجماع على خلاف النصّ والإجماع.
وأمّا الثالث فلبطلانه بالذّات حينئذ ، فلا نسخ.
هذا ما ذكر الجمهور ، واعتمد المرتضى (١) من أصحابنا في عدم الجواز على الإجماع ، والشيخ (٢) على أنّ الإجماع دليل عقليّ والنّسخ لا يكون إلّا بدليل شرعيّ.
وذكر بعضهم (٣) ، أنّ الإجماع إنّما يكون من مستند قطعيّ ، فيكون النّاسخ هو لا نفس الإجماع ، ودعوى الإجماع مشكلة.
وكون الإجماع دليلا شرعيّا (٤) واضح ، وقد مرّ ما يدلّ عليه في محلّه ، ولا
__________________
(١) في «الذريعة» ١ / ٤٥٦.
(٢) في «العدة» ٢ / ٥٣٨ ، وحكاه المحقق عن الشيخ كما في «المعالم» ص ٥٠٧.
(٣) حكاه عن بعض المتأخّرين في «المعالم» ص ٥٠٧.
(٤) ردّ على ما كان قد ذكره الشيخ.