واستدلّ الأكثرون : بأنّهما قطعيّان ، وخبر الواحد ظنّيّ ، ولا يترك القطعيّ بالظنيّ.
وادّعى بعضهم الإجماع عليه ، فإن ثبت الإجماع فهو ، وإلّا فلا يخفى أنّ الدّليل الأوّل مقدوح بما مرّ في بحث التخصيص ، إذ القدر المسلّم قطعيّته هو متن الكتاب والسنّة المتواترة.
وأمّا دلالتهما على التّأبيد فلا قطع به ، مع أنّه لو صرّح بالتّأبيد فهو أيضا يصير كالعامّ بالنسبة الى الأزمان ، فلم لا يجوز تخصيصه بظنّ أقوى منه ، فإذا فرض حصول ظنّ من خبر الواحد يغلب على الظنّ الحاصل من عموم الدّوام في الكتاب والسنّة بالنّسبة الى الوقت الذي نفاه خبر الواحد ، فلا مانع من العمل به ، وفائدة النّزاع وثمرته قليلة عندنا لندور مثله.
وذكر القائلون به أمثلة لوقوعه : منها : أنّ أهل قباء سمعوا مناديه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إنّ القبلة قد تحوّلت ، واستداروا ولم ينكر عليهم أحد من الصّحابة.
وهو ممنوع ، بأنّا لا نعلم أنّه خبر واحد ، ولعلّه حفّ بقرينة أفاد القطع لهم.
ثمّ إنّ المراد بكون خبر الواحد ناسخا أن يكون نفس الخبر رافعا للحكم ، كما سنشير إليه.
أمّا دلالة الخبر على كون آية فلانيّة منسوخة بكذا ، فهو خارج عمّا نحن فيه ، والأظهر جواز إثبات النّسخ به بهذا المعنى ، وإلّا فالفائدة ليست بنادرة على ذلك.
وأمّا الإجماع : فاختلفوا في جواز نسخه أو النّسخ به ، وبنوا الخلاف على أنّ الإجماع هل يتحقّق قبل انقطاع الوحي أم لا؟
فالأكثرون على عدم انعقاد الإجماع إلّا بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّه إن كان قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم ، فلا عبرة بقول غيره وإلّا فلا عبرة بقول المجمعين ، وحينئذ