القبيح وتقبيح الحسن ، فلا بدّ من تخصيص الآية بغيره ، لقيام البرهان على استحالته ، مع أنّ مدلول الآية أنّه تعالى يمحو ما يشاء ، والكلام في ثبوت مشيّته لهذا المحو ، وهو ممنوع ، بل الظّاهر من الآية هو البداء الاصطلاحي الذي هو من خواصّ مذهب الشّيعة.
الثاني : أنّه تعالى أمر ابراهيم عليهالسلام بذبح ولده إسماعيل عليهالسلام ثمّ نسخ ذلك قبل وقت الذّبح ، فإنّ الظّاهر من قول اسماعيل عليهالسلام : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ)(١) بعد قول إبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)(٢) ، وغير ذلك ممّا هو يستفاد من المقام في الآية مثل الفداء والإقدام على ترويع الولد الذي لو لم يكن مأمورا به لامتنع من مثله ، وغير ذلك ، دالّة على أنّه كان مأمورا بالذّبح لا بمحض المقدّمات كما قيل (٣) ، مع أنّه مناف لعظم شأنهما وغير مناسب لهذا المدح العظيم ، ولا يدلّ عليه أيضا قوله تعالى : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)(٤). ولا ينافي كونه مأمورا بتمام الذّبح.
وفيه : أنّ هذا الأمر أيضا ابتلائيّ ، لامتحان ابراهيم واسماعيل على نبيّنا وآله وعليهماالسلام وإظهار مرتبتهما على النّاس ، لا أنّه كان الذّبح في نفسه مطلوبا. وظاهر الأمر وإن كان هو إرادة المأمور به ، لكنّ القاطع دلّ على إخراجه من ظاهره وحمله على إرادة التوطين ، وقد مرّ بعض الكلام فيه في مباحث الأوامر. والفداء يمكن إن يكون من أجل ما اعتقده ظاهرا من فعل المأمور به.
__________________
(١ ـ ٢) الصّافات : ١٠٢.
(٣) راجع «المعالم» ص ٥٠٥.
(٤) الصّافات : ١٠٥.