أبي بصير (١) قال : «سألته عن رجل فجر بامرأة ثمّ أراد بعد أن يتزوّجها؟
فقال عليهالسلام : إذا تابت حلّ له نكاحها. قلت له : كيف تعرف توبتها؟ قال : يدعوها الى ما كان عليه من الحرام ، فإن امتنعت واستغفرت ربّها ، عرف توبتها».
وموثّقة عمّار (٢) عن الصّادق عليه الصلاة والسلام قال : «سألته عن الرّجل يحلّ له أن يتزوّج امرأة كان يفجر بها ، فقال : إن أنس منها رشدا ، فنعم ، وإلّا فليراودها على الحرام ، فإن تابعته فهي عليه حرام ، وإن أبت فليتزوّجها».
والحاصل ، أنّه إن أريد من جواز النّسخ قبل حضور وقت العمل مثل ذلك فنحن نجوّزه ، وإن أريد إرادة نفس الفعل ثمّ نسخه قبل التمكّن منه ؛ فنستحيله.
والكلام فيه نظير ما حقّقنا في مبحث الأمر مع العلم بانتفاء الشّرط.
احتج المجوّزون (٣) بوجوه ضعيفة ، أقواها ثلاثة :
الأوّل : قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ)(٤).
وفيه : أنّه أريد به ما يعمّ محو الأمر الابتلائيّ الذي قصد منه محض الاعتقاد ، فقد عرفت الكلام فيه.
وإن أريد محض الإيجاد والإعدام ، مثل إحياء زيد وإماتة عمرو ، فهو أيضا خارج عمّا نحن فيه.
وإن أريد محو الأمر بالمأمور به المطلوب بذاته في نفس الأمر ، فهو مستلزم للبداء الحقيقيّ المحال على الله تعالى الموجب لاجتماع الحسن والقبح ، وتحسين
__________________
(١) «الاستبصار» ٣ / ١٦٨ ح ٦١٤ ، «تهذيب الأحكام» ٧ / ٣٢٧ ح ١٣٤٨.
(٢) «الاستبصار» ٣ / ١٦٨ ح ٦١٥.
(٣) وقد نقلها في «المعالم» ص ٥٠٤.
(٤) الرّعد : ٣٨.