وإمّا مرسلة (١) ، يعني لم يعتبرها الشّارع ولا ألغاها ، وكانت راجحة وخالية عن المفسدة. وهذا هو الذي ذهب الى حجّيتها (٢) بعض العامّة (٣) ، ونفاها أصحابنا ، وأكثر العامّة (٤).
وهو الحقّ ، لعدم الدّليل على حجّيته (٥) ، ولأنّا نرى أنّ الشّارع ألغى بعضها واعتبر بعضها ، فإلحاق المرسلة بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح.
احتجّوا : بأنّ عدم اعتبارها يؤدّي الى خلوّ وقائع عن الحكم (٦) ، وهو باطل
__________________
(١) ووجه تسميتهم لها بالمرسلة يمكن لأنّ الشّارح أطلقها ، فلم يقيّدها ولم يلغها.
(٢) في نسخة الأصل (حجّيته).
(٣) كمالك كما عن «المحصول» ٤ / ١٤٧١ ، وبعض الشافعية كما عن «شرح روضة النّاظر» ٣ / ١٣٨٣ ، وقال الامام في «البرهان» : وهو المحكي عن مالك وأفرط في القول به حتى جرّه الى استحلال القتل ، وأخذ المال لمصالح تقتضيها في غالب الظنّ ، وإن لم يجد لها مستندا.
(٤) كابن قدامة وبعض الحنابلة وبعض الشّافية وبعض المتكلّمين كما عن «شرح روضة النّاظر» ٣ / ١٣٨٤ ، تنبيه : نسب هذا المذهب الى جمهور العلماء من الحنابلة والشّافعية والحنفيّة ، ولكن الحقيقة خلاف ذلك ، فمن تتبع واستقراء يجدهم في الفقه كلّهم يستدلّون بالمصالح المرسلة ولكن يختلفون سعة وضيقا في الأخذ بها.
قال القرافي في «شرح تنقيح الفصول» : «أمّا المصلحة المرسلة فالمنقول أنّها خاصة بنا ، وإذا تفقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرّقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرّقوا ، بل يكتفون بمطلق المناسبة ، وهذا هو المصلحة المرسلة ، فهي ـ حينئذ ـ في جميع المذاهب ، وقال ابن دقيق العبد : «إنّه لا يخلو أي مذهب من اعتباره في الجملة ، ولكن الامام مالك قد توسّع في الأخذ بها ، ويليه الامام أحمد».
(٥) في نسخة الأصل (حجّيتها).
(٦) راجع «المحصول» ٤ / ١٤٧٢.