قانون
ممّا يستدلّ به العامّة ، الاستحسان والمصالح المرسلة.
أمّا الاستحسان : فقال به : الحنفيّة (١) ، والحنابلة (٢) ، وأنكره غيرهم (٣).
قال الشّافعيّ : من استحسن فقد شرّع (٤).
واختلفوا في تعريفه بما لا يرجع الى ما يمكن أن يكون محلّا للنزاع ، ولا حاجة لنا الى ذكرها ، وأظهرها : أنّه دليل ينقدح في نفس المجتهد ويعسر عليه التّعبير عنه ، أو أنّه العدول من حكم الدّليل الى العادة لمصلحة الناس ، والمناسب لطريقهم أن يوجّه بأن يكون مرادهم أن ينقدح في نفس المجتهد رجحان استحسان من غير أن يكون مستندا الى دليل شرعيّ ، أو أنّه العدول من حكم الدّليل الشرعيّ الى العادة التي لم تعتبر شرعا ، وإلّا فالحكم بالعادة المعتبرة شرعا ليس باستحسان مردود ، مثل : العدول عمّا تقتضيه قاعدة الإجارة في دخول الحمّام من غير تعيين مدّة المكث ، ومقدار الماء المسكوب ، وشرب الماء من السّقاء من غير تعيين ، لأنّ تلك العادة كالإجماع ، بل هو إجماع.
والحاصل ، أنّ الاستحسان هو ما يستحسنه المجتهد بطبعه أو بعادته أو نحو ذلك من دون أمارة شرعيّة ، وهو باطل لعدم الدّليل عليه ، ولأنّه لا يفيد الظّن بكونه
__________________
(١) وهو المحكي عنهم كما في «المحصول» ٤ / ١٤٤٦ ، و «المستصفى» ١ / ٢١٣
(٢) القول بالاستحسان مذهب احمد ، كما نقل في «شرح روضة النّاظر» عن القاضي يعقوب.
(٣) بل في «المحصول» : ٤ / ١٤٤٧ اتفق أصحابنا على إنكار الاستحسان.
(٤) وردّ الشّيء قبل فهمه محال ، وهو تتمّة ما في «المستصفى» ١ / ٢١٣.