وحاصله ، تعيين العلّة في الأصل بمجرّد إبداء المناسبة بينها وبين الحكم ، من دون نصّ أو غيره ، كالإسكار لتحريم الخمر فإنّه مناسب لشرع التحريم ، وكالقتل العمد العدواني فإنّه مناسب لشرع القصاص ، ويسمّى مناسبة وإخالة أيضا لأنّه بالنظر إليه يخال أنّه علّة ، أي يظنّ [بظنّ].
وأمّا تحقيق المناط ، فهو عبارة عن النّظر والاجتهاد في وجود العلّة المعلومة علّيّتها بنصّ الشّارع أو استنباط في الفرع.
المسألة الثانية
وهو ما كان اقتضاء الجامع فيه للحكم بالفرع أقوى وأوكد منه في الأصل. ويظهر من بعضهم (١) أنّه هو القياس الجليّ كما يستفاد من صاحب «المعالم» (٢). والظّاهر أنّه أعمّ منه من وجه كما يظهر من تعريف الأكثر للقياس الجليّ : بأنّه ما كان الفارق بين أصله وفرعه مقطوعا بنفيه ، أي بنفي تأثيره. سواء كانت العلّة الجامعة بينهما منصوصة ولو بالالتزام ، كإلحاق تحريم ضرب الوالدين بتحريم التأفيف لهما ، العلّة كفّ الأذى عنهما.
أو غير منصوصة ، كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم النصيب [النّصف] عند العتق ، يعني إذا أعتق أحد الشّريكين شقصه (٣) ، حيث عرفنا أنّه لا فارق بينهما إلّا الذّكورة في الأصل ، والأنوثة في الفرع ، وعلمنا عدم التفات الشّارع الى ذلك في
__________________
(١) كالعلّامة في «التهذيب» ص ٢٧٢ ، وكثير من العامة.
(٢) ص ٥١٨
(٣) الشّقص : النّصيب ، وفي العين المشتركة من كل شيء ، والجمع أشقاص ، ومنه «انّ رجلا اعتق شقصا من مملوك».