التعليل لزم التسلسل ، فإنّ الحكم بعلّيّة العلّة يحتاج الى علّة ، وهكذا عليّة تلك العلّة وهلم جرّا.
سلّمنا ، لكن يجوز أن يكون العلّة جزئيّ أحدها أو ما يتركّب من بعضها ، مثل وصفين منها أو ثلاثة أو مجموعها.
سلّمنا ، لكن يجوز كون الحكم موقوفا على شرط موجود في الأصل مفقود في الفرع ، أو ثبوت مانع في الفرع.
والتّحقيق ، أنّ هذه الاحتمالات تمنع القطع لا الظّن ، ولكن لا حجّة في العمل بهذا الظّن ، بل قام الدليل والضّرورة على بطلانه.
ثمّ إنّهم ذكروا أنّ إلحاق حكم المسكوت عنه بالمنصوص عليه قد يكون بإلقاء الفارق ، فيقال : لا فرق بين الأصل والفرع إلّا كذا وكذا ، وكلّ ذلك لا تأثير له في الحكم ، وهذا الذي تسمّيه الحنفيّة استدلالا (١) ، وسمّاه الغزالي (٢) ب : تنقيح المناط ، وهو أن يقال : هذا الحكم لا بدّ له من مؤثّر ، وهو إمّا القدر المشترك بين الأصل والفرع ، أو القدر الذي امتاز به الأصل من الفرع ، والتالي باطل لأنّ الفارق ملغى ، فثبت أنّ المشترك هو العلّة ، وهو متحقّق في الفرع ، فيجب تحقّق الحكم فيه ، وأنت خبير بأنّ هذا أيضا يرجع الى السّبر والتقسيم.
ويرد عليه ما يرد عليه ، وفرض حصول القطع في ذلك إنّما يكون من جهة أمور خارجة ، كما أشرنا سابقا.
ومنها : تخريج المناط ، ووجه تسميته أنّه إبداء مناط الحكم.
__________________
(١) في «المستصفى» ٢ / ٩٨
(٢) في «المستصفى» ٢ / ٩٨ ، وفي «المحصول» ٤ / ١٢٣١