حلال في الثياب دون الحنطة والشّعير مثلا ، والأوّل أقوى لكونه أقلّ احتمالا من الثاني.
واختلفوا فيه ، والأكثر على المنع ، لأنّ بعض الدّورانات لا يفيد ظنّ العليّة ، كدوران الحدّ والمحدود والعلّة والمعلول المتساوي ، والمعلولين المتساويين لعلّة واحدة ، والحركات والزّمان ونحو ذلك ، فلا يفيد أصله.
بيان الملازمة : أنّ الاقتضاء إن كان من ماهيّة ، فلا يمكن التخلّف ، وإن كان من جهة خصوص محلّ خاصّ ، فلم يستفد من الدّوران. والإنصاف أنّ حصول الظّن بكثير منها ، مثل ما كان العلّة وصفا مناسبا لا يمكن إنكاره ، بل قد يوجب إفادة القطع كما في التجربيّات ، ولكنّه ليس ذلك من جهة الدّوران من حيث هو.
ومنها : السّبر والتقسيم ، وهو عبارة عن عدّ أوصاف ادّعي بالاستقراء الانحصار فيها ، وسلب العليّة عن كلّ واحد منها إلّا المدّعى ، وهو أيضا يفيد القطع إذا ثبت بالدليل القاطع انحصار الأوصاف في المعدود ، وثبت بالقاطع سلب العلّيّة من غير واحد منها ، وهو في العقليّات كثير ، لكنّها في الشرعيّات لا يكاد يوجد ، وكيف كان فالكلام في إفادة الظّن بالعلّيّة في الشرعيّات.
واحتجّ المثبت : بأنّ الأحكام لمّا كانت في الغالب معلّلة بعلل ظاهرة ، ولم يظهر للمجتهد بعد البحث والتأمّل سوى الأوصاف المذكورة ، وانتفت (١) العلّيّة عن كلّ واحد سوى الوصف المدّعى ، فيغلب الظّن بتعليل الحكم به.
واحتجّ النافون (٢) ـ وهم الأكثرون ـ : جواز الاستغناء عن العلّة ، لأنّه لو وجب
__________________
(١) في نسخة الأصل (وانتفى)
(٢) للظن وللحجيّة من جهة نفي الظّنّ.