العلل الماديّة.
فقول الشّارع : إذا وجدت طعم النّوم فتوضّأ ، يدلّ على أنّ العلّة في وجوب الوضوء هو النّوم ، وكذا غيره من الموجبات ، وكذلك : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(١) يدلّ على أنّ الصلاة علّة غائيّة.
والمراد بالعلّة هنا هو السّبب ، ولا مانع من تعدّد الأسباب.
وكذلك : يحرم الخمر لأنّه مسكر ، يدلّ على أنّ العلّة في الحرمة هو جهة القبح الحاصلة من الخمر من جهة الإسكار ، ويمكن إدراجه تحت العلّة الغائيّة ، يعني لئلّا يحصل به السّكر ، كما يمكن إدراجه تحت الماديّة. وكذلك : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء ... لأنّ له مادة» (٢).
تدلّ على أنّ تلك العلّة الماديّة يقتضي عدم التنجّس.
وبأدنى تأمّل يظهر لك وجه التعدّي وطريقته في كلّ موضع ، فالتعدّي في الأوّلين من المخاطب بالوضوء والصلاة شفاها الى غيره إذا حصل فيه العلّة ، وفي الثالث من الخمر الى كلّ مسكر ، وفي الرابع من البئر الى ماء الحمّام ونحوه ، وهكذا.
ثم إنّ العلّة قد تكون علّة لنفس الحكم من حيث هو ، فلا يتخلّف عنها أينما وجدت ولا يثبت بدونها أبدا ، وقد تكون علّة لتشريع (٣) عبادة وتأسيس أساس.
وبعبارة اخرى : تؤسّس أساسا وتشريع [والشّرع] عبادة لأجل حصول
__________________
(١) المائدة : ٦
(٢) «الوسائل» ١ / ١٤١ ح ٣٤٧
(٣) أو قل جزء علّة : وقد يسمونها بالحكمة.